ذكر ذلك ابن حجر في سياق ذكر عدالة الصحابة جميعاً والرد على من نفى ذلك، قال ابن حجر بعده:(وفي ذلك أبين شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أن شأن الصحبة لا يعدله شأن) .
فإذا كان هذا فضل صحابي لعله لم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قليلاً، فكيف بفضل غيره، وهذا الفضل مستتبع للعدالة التي تقتضي كون أقوالهم وأفعالهم حجة؛ لأنهم كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - خير قلوب الناس، فاختار محمداً - صلى الله عليه وسلم - فبعثه برسالته، وانتخبه بعلمه، ثم نظر في قلوب الناس بعده فاختار له أصحابه، فجعلهم أنصار دينه، ووزراء نبيه، فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح.
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يفهمون معنى كون أقوالهم وأفعالهم التي لا تخالف نصاً سنة يقتدى بها، ودليل ذلك ما رواه عبد الرزاق بسنده (أن عمر أصابته جنابة وهو في سفر، فلما أصبح قال: أترون ندرك الماء قبل طلوع الشمس، قالوا: نعم، فأسرع السير حتى أدرك فاغتسل، وجعل يغسل ما رأى من الجنابة في ثوبه، فقال: عمرو بن العاص: لو لبست ثوباً غير هذا وصليت، فقال له عمر: إن وجدت ثوباً وجده كل إنسان؟ إني لو فعلت لكانت سنة، ولكني أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أره) .