أما قوله عن المعنى الشرعي للبدعة، وأنه (لا يتناول العادات أصلا ً) فهذا خطأ ظاهر، وقد سبق بيان دخول البدع في العادات والمعاملات، وسيأتي الكلام عنها بعون الله في الفصل الرابع من الباب الثاني بتفصيل أوسع.
والأصل في هذا الباب: قصة الثلاثة الذين سألوا عن عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم: فكأنهم استقلوها، فمنع أحدهم نفسه من النوم، والآخر من الأكل نهاراً والثالث من تزوج النساء.
ومثل ذلك قصة الرجل الذي نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإتمام صومه، وترك الصمت والشمس والقيام.
قال الحافظ ابن رجب:(فمن تقرب إلى الله بعمل ٍ لم يجعله الله ورسوله قربة ٍإلى الله فعمله باطل مردود عليه - إلى أن قال - كمن تقرب إلى الله بسماع الملاهي أو بالرقص أو بكشف الرأس في غير الإحرام) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:(اتخاذ لبس الصوف عبادة وطريقاً إلى الله بدعة) .
فإذا كانت العادات مما يراد به القربة إلى الله سبحانه، وليس لها هذا الوصف شرعا ً فهي بدعة بلا شك، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعد زجره للثلاثة الذين استقلوا عبادته، فألزموا أنفسهم بترك بعض المباحات زيادة ً في القربة إلى الله سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: (لكني أصوم وأفطر وأصلى