(المراد من السنة التي يجب التمسك ما كان عليه القرن المشهود لهم بالخير والصلاح والرشاد، وهم الخلفاء الراشدون، ومن عاصر سيد الخلائق، ثم الذين من بعدهم، فما أحدث بعد ذلك من أمر على خلاف مناهجهم، فهو من البدعة، وكل بدعة ضلالة) . وهذا الكلام ليس بصحيح من كل الوجوه، فأما السنة التي يجب التمسك بها فهي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره، وما جاء بعد ذلك من أقوال الصحابة وأفعالهم فبعضه حجة، وبعضه ليس بحجة على التفصيل السابق في الفصل السابق.
أما الذين جاءوا بعد الصحابة، وهم التابعون ومن تبعهم، فكلامهم وأفعالهم لا تسمى سنة بالمصطلح الشرعي؛ لأنه حينئذ ٍ ينفرط حبل السنن، ويصبح كل إمام قال أو فعل ما يخالف السنة لعدم بلوغ الدليل أو عدم صحته عنده يحتج أتباعه بأن هذا القول سنة؛ لكونه في عهد التابعين أو تابعيهم، وهذا ما يتشبث به متعصبة المذاهب، بل الصحيح كما قاله الإمام أبو حنيفة - رحمه الله -: ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصحابة اخترنا، وما كان من غير ذلك فهم رجال ونحن رجال) .
ويتوجه قول الإمام النعمان فيما جاء عن الصحابة إلى الفتيا والقضاء، فيما للرأي فيه مجال، أما ما كان مرفوعاً أو في حكم المرفوع فهو حجة كما سبق ذكره..
وفي الكلام الذي نقله اللكنوي ما لفظه:(فما أحدث بعد ذلك من أمر على خلاف مناهجهم فهو من البدعة) .
متعلق بما سبق بيانه فلا حجية لقول أحد أو فعله، إذا خالف الكتاب والسنة، ولا حجية مطلقة لقول الصحابي أو فعله ... أما من جاء بعدهم فلا تعتبر أقوالهم