وسلم من كل محدثة "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة " فيكون الحديث على هذا المعنى دليلاً ضد المستدل به على حسن بعض البدع، أما الإضافة الواردة في الحديث فلا مفهوم لها، إلا كمفهوم الصِفَةِ في قوله تعالى:{لاَ تَأْكُلُواْ الرّبَا أَضْعَافاً مّضَاعَفَةً} ، وذلك لأن، الضلالة صفة ملازمة للبدعة في كل حال.
ثم إن في هذا الحديث دليلاً على إبطال البدع، وذلك بالحض على إحياء سنة قد أميتت، فإنه وعد بالأجر لمن أحيا سنةً ميتةً، لا لمن يخترع شيئاً جديداً، ثم يطلق عليه سنة حسنة، لأن الذي ورد في الحديث، إحياء سنة ثابتة نُسيت أو تُركت، وليس فيه إحداث مالم يثبت، فدل هذا على أن المراد التحذير من الابتداع، لأنه في مقابل الاتباع، ولأنه ملازم للضلال في كل الأحوال.
هذا على افتراض صحة الحديث، فكيف وقد ثبت أنه (موضوع) وعلّته كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف المُزني، الذي عليه مدار الحديث (فقد سُئل عن أبو داود فقال: كان أحد الكذابين، وقال الشافعي عنه: ذاك أحد الكذابين أو أحد أركان الكذب، وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب، وقال ابن عبد البر: مجمع على ضعفه) .
أما تحسين الترمذي لهذا الحديث، فمنقوض بأقوال أئمة الجرح والتعديل، الذين اتفقوا على جرحه، وقد بين الذهبي أن الترمذي لا يعتمد عليه في التصحيح، وذلك عند ترجمته لكثير بن عبد الله هذا. قال: (وأما الترمذي فروى من حديثه