للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحدث الشاطبي معبرا ً عن ما يشبه هذه المعاني في معرض رده على المستحسن للبدع، والمستدل عليها بقول عمر رضي الله عنه، فقال: ( ... إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه، لا لأنها بدعة في المعنى، فمن سماها بدعة بهذا الاعتبار فلا مشاحة في الأسامي، وعند ذلك فلا يجوز أن يستدل بها على جواز الابتداع بالمعنى المتكلم فيه؛ لأنه نوع من تحريف الكلم عن مواضعه ... ) .

وقال في موضع ٍ آخر موجها ً كلام العز في تسمية بعض المصالح المرسلة بدعا ً: ( ... وصار من القائلين بالمصالح المرسلة وسماها بدعاً في اللفظ كما سمى عمر رضي الله عنه الجمع في قيام رمضان في المسجد بدعة) .

ثالثا ً:

لو افترض أن هذا الفعل من عمر رضي الله عنه ليس له دليل من السنة، ولا يصح صرف معنى قوله: (نعمت البدعة) إلى المعنى اللغوي، فإن فعله رضي الله عنه محل اقتداء لكونه من الخلفاء الراشدين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتزام سنتهم حيث قال: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ".

وإلى هذا المعنى أشار ابن رجب رحمه الله عند كلامه على معنى قول عمر رضي الله عنه: (نعمت البدعة هذه) حيث بين أنه هذا العمل له أصل في الشريعة، ثم ذكر أدلة المشروعية، فقال: (ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة خلفائه الراشدين، فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>