أن تعريفه للبدعة بأنه فعل ما لم يعهد في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على مراده في تقسيم البدعة، والحادث الذي لم يعهد في عصره صلى الله عليه وسلم ـ كثيراً، يشمل أمور الدين والدنيا، والعبادات والمعاملات، والمصنوعات والمخترعات، والعلوم والأعراف، والعادات وكل شيء جديد لم يكن معهوداً في عصره صلى الله عليه وسلم، داخل تحت هذه القول، ولكنه لا يكون بدعة شرعية، إلا إذا اقترن به قصد التعبد، وليس له أصل في الدين يدل على ذلك.
فهذا التعريف يشمل البدع الشرعية التي لا تكون إلا ضلالة، ولا يتصور فيها التقسيم إلا بالكراهية والتحريم. ويشمل كذلك البدع اللغوية التي قد تكون مشروعة، وقد تكون من المباحات، ولكنها تسمى بدعاً في اللفظ، لكونها حادثة بعد أن لم تكن. وعلى ذلك فلا يصح الاحتجاج بهذا القول على أن البدعة الشرعية فيها ما هو حسن ...
الثاني:
تقسيم العز بن عبد السلام للبدع إلى خمسة أقسام، وإدخال كل قسم منها تحت حكم من الأحكام الشرعية الخمسة، وتمثيله على ذلك يدل على أنه لم يفرق بين البدعة الشرعية التي لا تكون إلا مذمومة، والبدعة اللغوية التي قد تكون مذمومة، وقد تكون محمودة، وقد تكون مباحة.
وسبب ذلك أنه إنما نظر إلى العمل من حيث وجه الإحداث فيه، وكونه أمراً مبتدأً، وليس هذا هو مناط النهي عن البدع من الناحية الشرعية، فلا مجال إذاً للاحتجاج بقوله على تحسين البدع.