يحي بن سعيد أنه حين أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر فمسحه ودعا, فرأيته استحسنه ثم قال: لعله عند الضرورة والشيء) .
ومن هذا القبيل ما رواه الذهبي في سير النبلاء: أن عبد الله بن الزبير- رضي الله عنه- شرب دم الرسول-صلى الله عليه وسلم- بعد أن احتجم. وأشياء من هذا الباب كثيرة يستدل بها من يجيز التبرك بآثار الصالحين ومقاماتهم ومحل عباداتهم.
إلا أن هذا الاستدلال يعارض بمجموعه من الأدلة منها: أنه هذه الأدلة المذكورة, والتي يعتمد عليها من يجيز التبرك خاصة بالنبي-صلى الله عليه وسلم- وأن محل الاختصاص مرتبط بمرتبة النبوة, والخيرية المطلقة التي لا يمكن أن تحقق في أحد بعده, وهذا ما فهمه الصحابة-رضوان الله عليهم- إذ جعلوا هذا التبرك مختصاً به هو -عليه السلام- لاختصاصه بالأفضلية والسيادة على الأنبياء وسائر البشر, واختصاصه -صلى الله عليه وسلم- بجواز التبرك به وبآثاره, كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع والوصال في الصيام وشبه ذلك.
فعلى هذا المأخذ لا يصح لمن بعده الإقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه ونحوها, ومن اقتدى به في هذا كان إقتداؤه بدعة كما كان الإقتداء به في الزيادة على أربعة نسوة أو الوصال في الصيام بدعة.
ومن أدلة المعترضين:
وهو مرتبط بما سبقه, أن الصحابة-رضوان الله عليهم- بعد موته-عليه السلام- لم يقع من أحد منهم شيء من هذا التبرك بالنسبة إلى من خلفه, وقد كان بين ظهرانيهم أفضل الأمة بعد نبيها: الصديق رضي الله عنه- ثم عمر أفضل الأمة بعده,