فهذا الذي ذكره شيخ الإسلام وإن كان في غالبه يخص الحكم على المبتدع, إلى أنه يستنتج من ظاهره وفحواه أن العذر الذي قد يرفع معه عن المبتدع في مسائل الاعتقاد الذنب والذم, لا يدل على أن ما قاله أو اعتقده من المحدثات ليس ببدعة, بل يكون القول والاعتقاد, والعمل بدعة إذا لم يكن له أصل في الشريعة وقصد به القربة إلى الله-تعالى- بغض النظر عن حكم مبتدعه من حيث الكفر والفسق أ, العفو والأجر....
على أنه لا بد من تبيين أن العقيدة إما أن تكون مسائل يجب اعتقادها قولاً أو قولاً وعملاً كمسائل التوحيد والصفات والقدر والنبوة والمعاد, وتوحيد الألوهية, وإما دلائل لهذه المسائل وهي الطرق البرهانية من العقل والنقل, التي يحتاج إليها في إثبات مسائل الاعتقاد.
وكل ما يحتاج الناس إليه من المسائل والدلائل قد بينها الله ورسوله-صلى الله عليه وسلم- بياناً شافياً قاطعاً للعذر, بل إن هذه القضايا من أعظم ما بلغه الرسول-صلى الله عليه وسلم- البلاغ المبين, وبينه للناس, وهو من أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه.
وقد وقع الابتداع في مسائل الاعتقاد ودلائله, فأما الابتداع الذي وقع في المسائل فهو على قسمين:
الأول: ابتداع في الدين الذي أرسل به رسوله-صلى الله عليه وسلم- كالابتداع في الصفات بالتعطيل والتأويل, والابتداع في القدر بالجبر ونفي خلق أفعال العباد, والابتداع في الإيمان بالتكفير والإرجاء.. ونحو ذلك من البدع التي حدثت في أمور نزل بها الشرع وبينها الشارع..
الثاني: ابتداع في مسائل العقيدة بإدخال المحدثات الباطلة تحت هذا المسمى, أي باعتبار المبتدعات المحدثة من مسائل العقيدة, مثل نفي الصفات ونفي القدر ونحو ذلك.