جاءت الشريعة الإسلامية بمصالح الأنام في معاشهم ومعادهم وسلكت لأجل ذلك أوضح المسالك وأعطت كل دارج عليها نوره لتهدي وحذرته من مغبة التنكب المقيت؛ لأنه الضلال والفساد والمهالك.
والقلوب كالأبدان، لها غذاء ودواء وبلاء فـ (... الشرائع أغذية القلوب فمتى اغتذت بالبدع لم يبق فيها فضل للسنن فتكون بمنزلة من اغتذى بالطعام الخبيث.
بل بمنزلة من تعاطى السموم المهلكة واتخذ الدواء من أنياب الأفاعي لأن فاعل البدع: (.. يناقض الاعتقادات الواجبة، وينازع الرسل ما جاءوا به.. وحينئذ.. تورث القلب نفاقاً.. فمن تدبر هذا علم يقيناً ما في حشوة البدع من السموم المضعفة للإيمان ولهذا قيل: إن البدع مشتقة من الكفر..) .
لأن الجامع بينها هو مشاقة أمر الله - سبحانه وتعالى - والخروج عن الطريق المستقيم القاصد، إلى الطريق الجائز.
وهذا هو الجامع أيضاً بين البدع والمعاصي، بيد أن البدع في عمومها أشر من المعاصي، وأشد إثماً، كما قرر ذلك شيخ الإسلام حين قال:
(.. والبدعة شر من المعصية كما قال سفيان الثوري: والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية، فإن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها) .
واستدل - رحمه الله - على أن البدع شر من المعاصي بحديث الرجل الذي