من أسباب اعتبار البدع أضخم في الإثم والذم من المعاصي، وهي في ذات الوقت ذم للبدع فمن ذلك:
١- أن المبتدع بلسان حاله يتهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالخيانة في أداء الأمانة والرسالة، وذلك بكونه يحدث من العبادات والاعتقادات والأقوال والأعمال ما يعتقد أنه قربه إلى الله - تعالى -، ولو كان كذلك لأخبرنا به نبينا - محمد صلى الله عليه وسلم - لأنه ما ترك خيراً إلا دلنا عليهن ولا شراً إلا نهانا عنه، وهذا المبتدع كأنه يقول بفعله: هذه طريقة حسنة، وعبادة تقرب إلى الله وتنيل الثواب الوفير، وهذا اتهام للمبلغ الأمين - عليه أفضل الصلاة والتسليم-، كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس - عليه رحمة الله-: (من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة، لأن الله يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ، فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً) .
٢- أن البدع مضادة للشريعة ومتهمة لها، إذ تستدرك على الشرع بزيادة أو نقصان، أو تغيير للأصل الصحيح الذي هو الصراط المستقيم، فالبدع عموماً:(.. مضادة للشارع، ومراغمة له حيث نصب المبتدع نفسه نصب المستدرك على الشريعة لا نصب المكتفي بما حد له) .
٣- وعلة ذلك أن المبتدع: (.. المخالف للسنة يرد بعض ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو يعارض قول الرسول بما يجعله نظيراً له من رأي أو كشف أو نحو ذلك.