للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووعى هذا من قبل الإمام الحجة محمد بن سيرين - رحمه الله - حين دخل عليه رجل من المبتدعة فقال: (يا أبا بكر، أقرأ عليك آية من كتاب الله، لا أزيد على أن أقرأها، ثم أخرج، فوضع إصبعيه في أذنيه ثم قال: أخرج عليك أن كنت مسلماً لما خرجت من بيتي، فقال يا أبا بكر: إني لا أزيد على أن أقرأ ثم أخرج، قال: فقال بإزاره يشده عليه ويتهيأ للقيام، فأقبلنا على الجرل، فقلنا: قد حرج عليك إلا خرجت، أفيحل لك أن تخرج رجلاً من بيته؟ قال: فخرج.

فقلنا: يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية ثم خرج قال: إني والله لو ظننت أن قلبي يثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرأ، ولكني خفت أن يلقي في قلبي شيئاً أجهد أن أخرجه من قلبي فلا أستطيع) .

وهذا هو حكم (سماع كلام أهل البدع، والنظر في كتبهم لمن يضره ذلك ويدعوه إلى سبيلهم) .

ولكنه ينهى في العموم عن ذلك لما يترتب عليه من مفاسد في الدين والدنيا.

فهذا هو سبيل السلف - عليهم رضوان الله - أخذوه من تأديب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، وإن كان ذلك ليس ابتداعاً منهم، ولكنه مخالفة لأمر النبي - عليه السلام -، فكان ذلك دالاً على هجر أهل البدع، وعدم السماع منهم من باب الأولى، كما بوب أبو داود السجستاني لذلك في سننه بقوله: (باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم) ثم استدل بحديث كعب ابن مالك في قصة تخلفه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك.

وهذا صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن صاحبه عبد الله ابن عمر - رضي الله عنهما - لما نقل له كلام نجدة الحروري: (.. جعل لا

<<  <  ج: ص:  >  >>