وفي سنة سبع وثلاثين وقعت موقعة صفين، وفيها رفع أهل الشام المصاحف، ودعوا إلى الحكم بما في كتاب الله، وقبل علي ذلك مكرهاً من بعض جيشه، ثم إنهم اعترضوا على قبول التحكيم بعد ذلك فكانت فرقة الخوارج الذين كفروا علياً - رضي الله عنه - ثم جعلوا أن من تبرأ من عثمان وعلي وطلحة والزبير والحكام من بني أمية فهو منهم، وانحازوا بعد ذلك وكونوا قوة تقوم على مبدأ تكفير العصاة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - واعتبارهم من الخالدين في النار.
وبدأ الخروج على الإمام، وقد جهد أمير المؤمنين علي في ردهم عن غيهم وتوضيح الشبهة لهم، ولكنهم لم يقبلوا منه بل كانوا يقاطعونه ويؤذونه ويشتمونه، وانتهى بهم الأمر إلى قتاله - رضي الله عنه -.
وظهر على إثر فتنة الخوارج فتنة الشيعة، الذين أفرطوا في محبة علي - رضي الله عنه - كما أفرط الخوارج في بغضهم وإن كانت فكرة التشيع أسبق في عهد علي من فكرة الخوارج، فإن الناس كانوا يتعاطفون مع علي - رضي الله عنه - وكانت الشيعة المفضلة يفضلون علياً على عثمان من غير تجريح لأحد من الصحابة.. وبعد أن ازدادت الفتنة ووقعت المعارك، ازداد تعلق الناس بعلي - رضي الله عنه - وقد استغل ابن سبأ اليهودي الذي أظهر الإسلام هذه المحبة، الموجودة في قلوب الناس، فأظهر التعلق بمحبة آل البيت وخاصة علي - رضي الله عنه - وزعم أن علياً أوصى له بالخلافة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونشر ذلك بين الناس، ثم غالى حتى زعم أن علياً كان نبياً يوحى إليه، ثم غلا حتى ادعى له الألوهية من دون الله - عز وجل -.