للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، هَلْ تُثْبِتُ يَدُهُ حُكْمًا؟ فَمَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمَا عَايَنَا يَدَهُ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِهَذِهِ الْحَادِثَةِ بَلْ فِي غَيْرِهَا، حَتَّى لَوْ شَهِدَا بِبَيْعٍ وَتَسْلِيمٍ يَسْأَلُهُمَا الْقَاضِي: أَشْهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ. وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ، وَالشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِهِ لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ بِمِلْكِ الْبَائِعِ.

اُنْظُرْ شَرْحَ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ

[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْقَضَاءِ بِالتَّحَالُفِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ]

فِي الْقَضَاءِ بِالتَّحَالُفِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ.

إذَا اخْتَلَفَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ أَوْ فِي الثَّمَنِ تَحَالَفَا، فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ كَمَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ كَمَا ادَّعَى الْبَائِعُ، ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ، وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ هَالِكَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا يَتَحَالَفَانِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ الْقِيمَةَ.

(فَرْعٌ) :

وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ عَيْنٌ وَهُوَ هَذَا الْعَبْدُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ دَيْنٌ، أَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ عَيْنٌ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ دَيْنٌ لَمْ يُنْظَرْ إلَى دَعْوَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَيْنِ تَحَالَفَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ تَحَالَفَا وَقَدْ هَلَكَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي يَدِ الْآخَرِ رُدَّ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَتَحَالَفَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الثَّمَنِ الْهَالِكِ فَيَتَحَالَفَانِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّةِ الْهَالِكِ، وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ فِي الْقَائِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَتَحَالَفَانِ فِيهِمَا.

(فَرْعٌ) :

وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فَقَالَ الْبَائِعُ: حَالٌّ. وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى شَهْرٍ. أَوْ قَالَ: هَذَا إلَى شَهْرٍ.

وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى شَهْرَيْنِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: يَتَحَالَفَانِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ فَقَالَ: أَلْفٌ. وَقَالَتْ: أَلْفَانِ. يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الزَّوْجِ ثُمَّ يُحْكَمُ فِيهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ أَلْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ كَانَ أَلْفًا وَخَمْسمِائَةٍ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا إذَا قَالَ شَيْئًا مُسْتَنْكَرًا، قِيلَ: الْمُنْكَرُ مَا دُونَ عَشْرَةٍ، وَقِيلَ: مَا يَكُونُ بَعِيدًا عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِعَيْنِهِ فَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فَهُوَ مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي الذَّاتِ، أَلَا يَرَى أَنَّ إزَالَةَ الْبَعْضِ مِنْهُ لَا تُنْقِصُ الْبَاقِيَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ صِفَتِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ زَرْعِهِ إنْ كَانَ مَزْرُوعًا وَالْمُسَمَّى عَيْنٌ أَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ وَهُوَ هَالِكٌ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُسَمَّى فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ فَانْقَطَعَ حُكْمُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِيَقِينٍ، إلَّا أَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ وَصْفًا

<<  <   >  >>