للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَاجَةَ فِيهِ إلَى بَيَانِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ إلَّا عَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: يُبَيَّنُ الطَّرِيقُ بِالذِّرَاعِ.

وَالنَّهْرُ لَا يَصْلُحُ حَدًّا عِنْدَ الْبَعْضِ، وَكَذَا السُّوَرُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصْلُحُ حَدًّا.

وَالْخَنْدَقُ كَالنَّهْرِ، قَالَ فِي الْفَتَاوَى الرَّشِيدِيَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَالنَّهْرُ وَالطَّرِيقُ لَا يَصْلُحُ حَدًّا؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَرُبَّمَا يَخْرُبُ السُّوَرُ وَلَا يَبْقَى، وَعَسَى يُتْرَكُ السُّلُوكُ فِي هَذَا الطَّرِيقِ وَإِجْرَاءُ الْمَاءِ فِي هَذَا النَّهْرِ وَعِنْدَهُمَا يَصْلُحُ حَدًّا وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ قَوْلَهُمَا.

(فَرْعٌ) :

بَيَّنَ حُدُودَ الدَّارِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ كَرْمٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ دَارٌ وَشَهِدَا كَذَلِكَ قِيلَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَا الشَّهَادَةُ وَقِيلَ تُسْمَعُ لَوْ بَيَّنَ الْمِصْرَ وَالْمَحَلَّةَ وَالْمَوْضِعَ. وَقِيلَ ذِكْرُ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ وَالْمَحَلَّةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

مِنْ الْجَامِعِ الْفَتَاوَى: ادَّعَى سُكْنَى دَارٍ أَوْ نَحْوَهُ وَبَيَّنَ حُدُودَهُ لَا يَصِحُّ إذْ السُّكْنَى نَقْلٌ فَلَا يُحَدُّ.

قَالَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ: وَإِنْ كَانَ السُّكْنَى نَقْلِيًّا لَكِنْ لَمَّا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ اتِّصَالَ تَأْبِيدٍ كَانَ تَعْرِيفُهُ بِمَا بِهِ تُعْرَفُ الْأَرْضُ، إذْ فِي سَائِرِ النَّقْلِيَّاتِ إنَّمَا لَا يُعْرَفُ بِالْحُدُودِ لِإِمْكَانِ إحْضَارِهِ، فَيَسْتَغْنِي بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ عَنْ الْحَدِّ، أَمَّا السُّكْنَى فَنَقْلُهُ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ فِي الْبِنَاءِ تَرْكِيبَ قَرَارٍ فَالْتَحَقَ بِمَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ أَصْلًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

الشَّاهِدُ لَوْ أَخْطَأَ فِي بَعْضِ الْحَدِّ ثُمَّ تَدَارَكَ وَأَعَادَ الشَّهَادَةَ وَأَصَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لَوْ أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ، سَوَاءٌ تَدَارَكَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ

وَمَعْنَى إمْكَانِ التَّوْفِيقِ أَنْ يَقُولَ: كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ فُلَانًا إلَّا أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ وَمَا عَلِمْنَا بِهِ، أَوْ يَقُولَ: كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ بِهَذَا الِاسْمِ إلَّا أَنَّهُ سُمِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَذَا الِاسْمِ الْآخَرِ وَمَا عَلِمْنَا بِهِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فَافْهَمْ أَصْلَهُ مِنْ شَرْحِ الْجَامِعِ هَذَا إذَا تَرَكَ الشَّاهِدُ أَحَدَ الْحُدُودِ أَوْ غَلِطَ، فَلَوْ تَرَكَ الْمُدَّعِي أَحَدَ الْحُدُودِ أَوْ غَلِطَ فَحُكْمُهُ كَالشَّاهِدِ جُمْلَةً. قَالَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ: لَوْ غَلِطَ الشُّهُودُ فِي الْحَدِّ الرَّابِعِ ثُمَّ ذَكَرُوا عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ وَقَالُوا هَذَا هُوَ الشَّهَادَةُ بِالدَّعْوَى الْأُولَى لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالْإِشَارَةِ وَالنَّسَبِ]

فِي الْقَضَاءِ بِالْإِشَارَةِ وَالنَّسَبِ، وَالتَّعْرِيفُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ.

اعْلَمْ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ أَهَمِّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الدَّعْوَى قَطْعًا لِلِاحْتِمَالِ حَتَّى قَالُوا: لَوْ كُتِبَ فِي الْمَحْضَرِ حَضَرَ فُلَانٌ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا فَادَّعَى هَذِهِ الدَّعْوَى لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الْمَحْضَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ عَلَى هَذَا أَحْضَرَهُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ بِدُونِهِ يُوهَمُ أَنَّهُ أَحْضَرَ وَادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ.

وَكَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْخَصْمَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الْمَحْضَرِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذَا فَيَكْتُبُ الْمُدَّعِي هَذَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا وَكَذَا لَوْ ذُكِرَ الْخَصْمَانِ فِي الْمَحْضَرِ أَوْ السِّجِلِّ بِاسْمِهِمَا وَأُشِيرَ إلَيْهِمَا بِأَنْ يَكْتُبَ مَثَلًا، وَقَضَيْتُ لِمُحَمَّدٍ هَذَا عَلَى أَحْمَدَ هَذَا لَا يَذْكُرُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلْيَكْتُبْ قَضَيْتُ لِمُحَمَّدٍ هَذَا الْمُدَّعِي عَلَى أَحْمَدَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِذَا كَتَبَ عِنْدَ ذِكْرِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَأَشَارُوا إلَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ هَذَيْنِ لَا يُفْتَى بِصِحَّتِهِ، إذْ الْإِشَارَةُ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ الْإِشَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَلَعَلَّهُمْ أَشَارُوا إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْمُدَّعِي، وَأَشَارُوا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَلَكِنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ بِأَبْلَغِ الْوُجُوهِ.

وَعَنْ هَذَا قَالُوا: لَوْ كُتِبَ فِي صَكِّ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ أَجْر فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ أَرْضُهُ بَعْدَ مَا جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ الصَّحِيحَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَشْجَارِ وَالدَّارِجِينَ الَّتِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الصَّكِّ.

وَكَذَا لَوْ كُتِبَ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَكَانٌ بَيْنَهُمَا لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الصَّكِّ لِجَوَازِ أَنَّ

<<  <   >  >>