للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَرْعٌ) :

قَالَ فِي النَّوَازِلِ: اتَّخَذَ دَارِهِ حَظِيرَةَ غَنَمٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَيَتَأَذَّى جِيرَانُهُ بَيْنَ السِّرْقِينِ وَلَا يَأْمَنُونَ عَلَى الرُّعَاةِ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْحُكْمِ مَنْعُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ أَوْ رَحًى لِلطَّحْنِ أَوْ مِدَقَّةً لِلْقَصَّارَيْنِ يُمْنَعُ عَنْهُ لِتَضَرُّرِ جِيرَانِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ اتَّخَذَ دَارِهِ حَمَّامًا وَيَتَأَذَّى الْجِيرَانُ مِنْ دُخَانِهَا فَلَهُمْ مَنْعُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ دُخَانُ الْحَمَّامِ مِثْلَ دُخَانِ الْجِيرَانِ.

وَعَنْ بَعْضِهِمْ: إذَا اسْتَفْتَى عَنْ بِنَاءِ تَنُّورٍ فِي مِلْكِهِ لِلْخُبْزِ فِي وَسَطِ الْبَزَّازِينَ تَارَةً كَانَ يُفْتِي بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَتَارَةً يُفْتِي بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي النَّوَازِلِ: أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ رَحًا حَوَّاسًا فِي بَيْتِهِ وَيَضُرُّ ذَلِكَ بِجَارِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ دَوَرَانَ الرَّحَى أَوْ رِيحَهُ يُوهِنُ بِنَاءَ جَارِهِ يُمْنَعُ عَنْهُ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَلَوْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ، لَكِنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ فِي مَحِلٍّ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا. وَقِيلَ بِالْمَنْعِ، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(فَرْعٌ) :

دَارَانِ مُتَلَاقِيَتَانِ جَعَلَ رَبُّ إحْدَاهُمَا فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا، وَفِيهِ ضَرَرٌ بِرَبِّ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: لَوْ كَانَ وُجُوهُ الدَّوَابِّ إلَى الْجَارِ لَا يُمْنَعُ، وَلَوْ كَانَتْ حَوَافِرُهَا إلَيْهِ يُمْنَعُ، ثُمَّ لَوْ خَرَّبَتْ الدَّوَابُّ فِي الْإِصْطَبْلِ جِدَارَ الْجَارِ بِحَوَافِرِهَا قِيلَ: لَا يَضْمَنُ رَبُّ الدَّارِ؛ إذْ لَمْ يُبَاشِرْ؛ إذْ لَا يَنْتَقِلُ فِعْلُ الدَّوَابِّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جُبَارٌ، فَلَوْ ضَمِنَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِدْخَالِ الدَّوَابِّ فِي الْإِصْطَبْلِ مِنْ حَيْثُ التَّسَبُّبُ إلَى التَّخْرِيبِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ إذَا أَدْخَلَهَا فِي مِلْكِهِ، فَالتَّسَبُّبُ إنَّمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عِنْدَ التَّعَدِّي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْأَشْجَارِ الْمُتَدَلِّيَةِ الْأَغْصَانِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ]

(فَصْلٌ) :

قَالَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ: بَاعَ ضَيْعَةً وَلِلْبَائِعِ أَشْجَارٌ فِي ضَيْعَةٍ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ فِي الْمَبِيعَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِتَفْرِيغِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُتَدَلِّيَةِ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهَا، وَفِي جَانِبِهَا ضَيْعَةٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمُوَرِّثٍ، وَلَهُ تَفْرِيغُ ضَيْعَتِهِ مِنْ تِلْكَ الْأَغْصَانِ، فَكَذَا وَارِثُهُ.

(فَرْعٌ) :

قَالَ فِي التَّجْرِيدِ: وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ يُجْبَرُ صَاحِبُهَا عَلَى قَطْعِ الْأَغْصَانِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَعَنْهُ يُتْرَكُ كَذَلِكَ.

وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ: خَرَجَ شُعَبُ نَخْلَتِهِ إلَى جَارِهِ فَلِلْجَارِ قَطْعُهَا لِتَفْرِيغِ هَوَائِهِ.

قَالُوا: هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ، فَلَوْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهُ بِشَدِّ الشُّعَبِ عَلَى النَّخْلَةِ أَوْ تَفْرِيغُهُ بِشَدِّ بَعْضِهَا فَلَهُ: أَنْ يَأْخُذَ رَبَّ النَّخْلَةِ بِالشَّدِّ لَا بِالْقَطْعِ فِيمَا أَمْكَنَ التَّفْرِيغُ بِشَدِّهِ.

وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهُ إلَّا بِقَطْعِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ رَبَّهَا فَيَقْطَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِهِ، وَلَوْ أَبَى يُرْفَعُ إلَى الْقَاضِي فَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَطْعِ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ الْجَارُ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ قَطَعَهَا بِنَفْسِهِ ابْتِدَاءً، فَلَوْ قَطَعَ مِنْ مَحِلٍّ لَيْسَ الْقَطْعُ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ أَعْلَى مِنْهُ أَوْ أَسْفَلَ أَنْفَعَ فِي حَقِّ الْمَالِكِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ أَنْفَعَ مِنْهُ ضَمِنَ جُمْلَةً.

[الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ]

اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِبِنَائِهِمَا أَوْ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا، أَوْ لَا يَتَّصِلَ أَصْلًا، وَلَكِنَّهُ بَيْنَ دَارَيْهِمَا، وَالِاتِّصَالُ نَوْعَانِ: اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ، وَاتِّصَالُ مُجَاوَرَةٍ وَمُلَازَقَةٍ، وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ أَوْ لِأَحَدِهِمَا

<<  <   >  >>