للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جُذُوعٌ وَلِلْآخِرِ هَرَاوَى، أَوْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، أَوْ لَهُمَا عَلَيْهِ هَرَاوَى أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ، أَوْ لَا يَكُونُ لَهُمَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَلَوْ لَمْ يَتَّصِلْ بِبِنَائِهِمَا وَلَا لَهُمَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ جِذْعٍ وَغَيْرِهِ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْأَصْلِ: إذَا اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَلَا يُنَازِعُهُمَا أَحَدٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُقْضَى بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ كَوْنُهُ فِي يَدَيْهِمَا يُقْضَى بَيْنَهُمَا قَضَاءَ تَرْكٍ، وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ بِيَدِهِمَا وَقَدْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي يَدِهِ يُجْعَلُ فِي يَدَيْهِمَا؛ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُمَا لَا أَنَّهُ يُقْضَى بَيْنَهُمَا، هَذَا كَدَارٍ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَفِي يَدِهِ يُتْرَكُ فِي يَدَيْهِمَا لَوْ عُرِفَ كَوْنُهُ بِيَدِهِمَا، وَإِلَّا يُجْعَلُ فِي يَدِهِمَا لَا أَنَّهُ يُقْضَى بَيْنَهُمَا، كَذَا هُنَا.

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا هَرَاوَى عَلَيْهِ أَوْ بَوَارِي، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ يُقْضَى بَيْنَهُمَا؛ إذْ بِوَضْعِ الْهَرَاوَى لَا يَثْبُتُ عَلَى الْحَائِطِ يَدُ اسْتِعْمَالٍ؛؛ إذْ الْحَائِطُ إنَّمَا يُبْنَى لِلتَّسْقِيفِ، وَذَلِكَ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ لَا بِوَضْعِ الْهَرَاوَى وَالْبَوَارِي؛ إذْ التَّسْقِيفُ عَلَيْهِمَا بِلَا جُذُوعٍ لَا يُمْكِنُ، وَهُمَا يُوضَعَانِ لِلِاسْتِظْلَالِ وَالْحَائِطُ لَا تُبْنَى لِلِاسْتِظْلَالِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ مَبْسُوطٌ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ وَهُنَاكَ يُقْضَى بَيْنَهُمَا بِهِ؛ إذْ رَبُّ الثَّوْبِ غَيْرُ مُسْتَعْمِلٍ لِلْحَائِطِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي مَرَّ، كَذَا هُنَا، وَإِنْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ يُقْضَى بِهِ لِرَبِّ الْجُذُوعِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلُهُ، وَلِلْآخَرِ مُجَرَّدُ يَدٍ بِلَا اسْتِعْمَالٍ، وَالْيَدُ الْمُسْتَعْمَلَةُ أَوْلَى، كَدَابَّةٍ تَنَازَعَ فِيهَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا رَاكِبٌ وَالْآخَرُ آخِذٌ بِلِجَامِهَا فَرَاكِبُهَا أَوْلَى، وَكَثَوْبٍ تَنَازَعَا فِيهِ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِطَرَفِهِ فَلَابِسُهُ أَوْلَى لِمَا مَرَّ، وَكَذَا هُنَا، وَجُعِلَ الِاسْتِعْمَالُ مُرَجَّحًا إذَا اسْتَوَيَا يَدًا.

وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْآخَرِ هَرَاوَى لِمَا مَرَّ أَنَّ وَضْعَ الْهَرَاوَى لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ لِلْحَائِطِ فَوُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ، وَإِنْ لِأَحَدِهِمَا جِذْعٌ وَاحِدٌ وَلِلْآخَرِ هَرَاوَى أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَقَدْ قِيلَ: لَا يُقْضَى بِهِ لَهُ؛ إذْ الْحَائِطُ لَا يُبْنَى لَوْ وُضِعَ جِذْعُ وَاحِدٌ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ لِرَبِّ الْجِذْعِ؛ إذْ لَهُ مَعَ الْيَدِ نَوْعُ اسْتِعْمَالٍ؛ إذْ وَضْعُهُ اسْتِعْمَالٌ حَتَّى قُضِيَ لِرَبِّ الْجُذُوعِ فَيَكُونُ وَضْعُ وَاحِدِهَا اسْتِعْمَالًا لِلْحَائِطِ بِقَدْرِهِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ ذَلِكَ، وَقَدْ بُنِيَ الْحَائِطُ لِوَضْعِ جِذْعٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا، هَذَا لَوْ لَمْ يَتَّصِلْ الْحَائِطُ بِبِنَائِهِمَا

فَأَمَّا الْمُتَّصِلُ بِبِنَائِهِمَا اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَوْ مُلَازَقَةٍ فَيُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إذَا اسْتَوَيَا، وَلَوْ كَانَ اتِّصَالُ أَحَدِهِمَا تَرْبِيعًا وَالْآخَرِ مُلَازَقَةً فَالتَّرْبِيعُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ؛ إذْ تَفْسِيرُ اتِّصَالِ التَّرْبِيعِ إذَا كَانَ الْجِدَارُ مِنْ مَدَرٍ أَوْ آجُرٍّ أَنْ تَكُونَ أَنْصَافُ لَبِنِ الْحَائِطِ الْمُتَنَازِعِ فِيهِ دَاخِلَةً فِي أَنْصَافِ لَبِنِ حَائِطِهِ دَاخِلَةً فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَإِنْ مِنْ خَشَبٍ فَالتَّرْكِيبُ تُرَكَّبُ سَاجَةُ أَحَدِهِمَا فِي الْأُخْرَى، أَمَّا لَوْ ثَقَبَ وَأَدْخَلَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ تَرْبِيعًا، وَإِذَا كَانَ تَفْسِيرُهُ هَذَا كَانَ لِذِي التَّرْبِيعِ مَعَ الِاتِّصَالِ نَوْعُ اسْتِعْمَالٍ وَلِلْآخَرِ مُجَرَّدُ اتِّصَالٍ فَالِاتِّصَالُ مَعَ الِاسْتِعْمَالِ أَوْلَى فَصَارَا كَرَاكِبِ الدَّابَّةِ وَالْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا

وَلَوْ اتَّصَلَ بِأَحَدِهِمَا مُلَازَقَةً أَوْ تَرْبِيعًا، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ اتِّصَالٌ وَلَا جُذُوعٌ يُقْضَى لِذِي الِاتِّصَالِ فَلَا إشْكَالَ فِي التَّرْبِيعِ، فَكَذَا الْمُلَازَقَةُ إذَا اسْتَوَيَا فِي الِاتِّصَالِ بِالْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ وَلِأَحَدِهِمَا زِيَادَةُ اتِّصَالِ تُغَايِرُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الِاتِّصَالُ بِالْبِنَاءِ فَيَتَرَجَّحُ عَلَى الْآخَرِ، وَكَذَا لَوْ اتَّصَلَ بِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ هَرَاوَى يُقْضَى لِذِي الِاتِّصَالِ.

، وَإِنْ لِأَحَدِهِمَا تَرْبِيعٌ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٌ، فَلَوْ كَانَ التَّرْبِيعُ فِي طَرَفَيْ الْحَائِطِ فَذُو التَّرْبِيعِ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَرُجِّحَ الِاتِّصَالُ عَلَى الْجُذُوعِ، وَإِنْ لِكُلِّ مِنْهُمَا يَدُ اسْتِعْمَالٍ؛ إذْ الِاسْتِعْمَالُ بِالتَّرْبِيعِ، وَهُوَ بِالْبِنَاءِ يَسْبِقُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ بِجُذُوعٍ وَهُوَ وَضَعَهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرْهَنَ ذُو التَّرْبِيعِ أَنَّ الْحَائِطَ لَهُ يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ؛ إذْ الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُطْلَقًا تَصْلُحُ لِلدَّفْعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْغَيْرِ، وَأَمَّا التَّرْبِيعُ فَهُوَ نَوْعٌ ظَاهِرٌ، وَالْمِلْكُ ثَابِتٌ بِنَوْعٍ ظَاهِرٍ.

وَلَوْ كَانَ التَّرْبِيعُ فِي طَرَفٍ وَاحِدٍ قِيلَ: هُوَ أَوْلَى، وَقِيلَ: الْجُذُوعُ أَوْلَى، وَلَوْ فِي أَعْلَى حَائِطٍ تَوَزَّعَ فِيهِ عُودٌ مُرَكَّبٌ عَلَى عَمُودٍ هُوَ عَلَى حَائِطِ أَحَدِهِمَا خَاصَّةً وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ أَوْلَى مِنْ اتِّصَالِ مُلَازَقَةٍ؛ إذْ رَبُّ الْجُذُوعِ

<<  <   >  >>