للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَوْ رَشَّ الْمَاءَ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ. وَفِي الْفَتَاوَى: إنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا.

وَفِي بَابِ النُّونِ: إنَّهُ يَضْمَنُ إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ.

وَفِي بَابِ السِّينِ: إنْ لَمْ يَرَهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ رَآهُ لَا يَضْمَنُ قَالَ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(فَرْعٌ) :

لَوْ أَمَرَ الْأَجِيرَ بِرَشِّ فِنَاءِ الدُّكَّانِ لِلْآمِرِ فَمَا تَرَكَ مِنْهُ يَضْمَنُ الْآمِرُ، وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ ضَمِنَ الرَّاشُّ.

أَمَّا لَوْ أَمَرَهُ بِالْوُضُوءِ فِي الطَّرِيقِ فَتَوَضَّأَ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِوَضْعِ الْحَجَرِ عَلَى الطَّرِيقِ فَعَطِبَ بِهِ الْآمِرُ ضَمِنَ الْوَاضِعُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: اشْرَعْ جَنَاحًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ ابْنِ دُكَّانًا عَلَى بَابِكَ فَعَطِبَ بِهِ الْآمِرُ أَوْ غُلَامُهُ، وَكَذَا إذَا بَنَى الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ بِأَمْرِهِ ثُمَّ عَطِبَ بِهِ الْآمِرُ ضَمِنَ. اُنْظُرْ الْإِيضَاحَ وَالْخُلَاصَةَ.

[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ]

(فَصْلٌ) :

إذَا بَنَى حَائِطًا مَائِلًا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ إلَى الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَطِبَ بِسُقُوطِهِ سَوَاءٌ طُولِبَ بِالنَّقْضِ أَمْ لَا، وَلَوْ بَنَى فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَمَالَ الْحَائِطُ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ بِالنَّقْضِ حَتَّى سَقَطَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالنَّقْضِ ثُمَّ سَقَطَ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ النَّقْضُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي النَّقْضِ وَذَهَبَ يَطْلُبُ مَنْ يَنْقُضُهُ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ أَوْ مَتَاعٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيَلَانُ إلَى الطَّرِيقِ صَحَّ الْإِشْهَادُ مِمَّنْ لَهُ الْمُرُورُ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْإِسْلَامِ سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ بِالْخُصُومَةِ أَوْ عَبْدًا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ بِالْخُصُومَةِ، فَإِذَا تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَقَالَ: إنَّ حَائِطَكَ مَائِلٌ فَارْفَعْهُ كَفَاهُ، وَالْإِشْهَادُ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الْجُحُودِ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَهْدِمَهُ لَا يَكُونُ إشْهَادًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَشُورَةً.

(فَرْعٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْمَيَلَانُ إلَى دَارِ رَجُلٍ فَالْإِشْهَادُ إلَى صَاحِبِ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا سُكَّانٌ فَالْإِشْهَادُ إلَيْهِمْ.

وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ اسْتَمْهَلَ مِنْ الْقَاضِي أَوْ مِمَّنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيَّامًا فَأَجَّلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ اُنْظُرْ التَّجْرِيدَ.

[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِنَفْيِ الضَّرَرِ]

(فَصْلٌ) :

ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» قَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ " لَا ضَرَرَ ": أَيْ لَا ضَرَرَ عَلَى أَحَدٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إضْرَارٌ بِغَيْرِهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّرَرُ أَنْ تَضُرَّ نَفْسَكَ لِتَضُرَّ بِذَلِكَ غَيْرَكَ، فَإِذَا مَنَعَ هَذَا فَكَيْفَ بِمَنْ يُصْلِحُ مَالَ نَفْسِهِ بِإِفْسَادِ مَالِ غَيْرِهِ. وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّرَرِ أَنْ يَضُرَّ أَحَدُ الْجَارَيْنِ بِجَارِهِ.

وَالضِّرَارُ أَنْ يَضُرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا بِمَعْنَى الْفَاعِلَةِ فِي الْقِتَالِ وَالضِّرَابِ وَالسِّبَابِ، وَكَذَا الضِّرَارُ فَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا الْإِضْرَارَ بِصَاحِبِهِ، وَعَنْ أَنْ يَقْصِدَا ذَلِكَ جَمِيعًا.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّرَرُ مَا يَنْفَعُكَ وَيَضُرُّ صَاحِبَكَ، وَالضِّرَارُ مَا يَضُرُّ صَاحِبَكَ وَلَا يَنْفَعُكَ، فَيَكُونُ الضَّرَرُ مَا قَصَدَ بِهِ الْإِنْسَانُ مَنْفَعَةً وَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَالضِّرَارُ مَا قَصَدَ بِهِ الْإِضْرَارَ بِغَيْرِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ شَيْئًا يَضُرُّ بِهِ.

<<  <   >  >>