للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَوْلَيْ أَبِي يُوسُفَ، وَإِحْصَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجِ شَرْطٌ لِيَصِيرَ بِهِ الْآخَرُ مُحْصَنًا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إسْلَامُ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

[فَصْلٌ يَثْبُتُ إحْصَانُ الزَّانِي بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ]

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ إحْصَانُ الزَّانِي بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَهُوَ سَوَاءٌ وَيُرْجَمُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ جَامَعَهَا أَوْ بَاضَعَهَا وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا صَارَ مُحْصَنًا، كَمَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ جَامَعَهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهِمْ دَخَلَ بِهَا.

[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الزِّنَا]

(فَصْلٌ) :

فِي صِفَةِ الزِّنَا

الزِّنَا عَلَمٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْظُورِ، وَالْحَدُّ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ. وَالشُّبْهَةُ عَلَى ضُرُوبٍ: شُبْهَةٌ فِي الْعَقْدِ؛ فَالْعَقْدُ إذَا وُجِدَ حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا مُتَّفَقًا عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ عَلِمَ الْوَاطِئُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ أَوْ جَهِلَ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَا وَالشَّافِعِيُّ: إذَا تَزَوَّجَ نِكَاحًا مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ كَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَالْخَامِسَةِ وَأُخْتِ الْمَرْأَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشُبْهَةٍ، وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْوَاطِئِ إذَا عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) :

الشُّبْهَةُ فِي الْفِعْلِ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: جَارِيَةُ الْأَبِ، وَجَارِيَةُ الْأُمِّ، وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ مَا دَامَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ، وَجَارِيَةُ الْمَنْكُوحَةِ، وَالْعَبْدُ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ، وَالْجَارِيَةُ الْمَرْهُونَةُ يَطَؤُهَا الْمُرْتَهِنُ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ.

وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ أَنَّهُ يُحَدُّ الْمُرْتَهِنُ وَلَا يُعْتَبَرُ ظَنُّهُ.

وَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إذَا ادَّعَى فَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الظَّنَّ وَجَبَ الْحَدُّ، وَإِنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ الْآخَرُ فَلَا حَدَّ حَتَّى يُقِرَّا جَمِيعًا بِأَنَّهُمَا عَلِمَا بِالْحُرْمَةِ.

[فَصْلٌ الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا]

(فَصْلٌ) :

وَالْإِقْرَارُ بِالزِّنَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ حَتَّى يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ مَجَالِسِ الْمُقِرِّ دُونَ مَجْلِسِ الْقَاضِي. وَقَالَ شَارِحُنَا: يُقَامُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً.

وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَا فَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

[فَصْلٌ كَيْفَ يُقَامُ الْحَدُّ فِي الزِّنَا]

(فَصْلٌ) :

كَيْفَ يُقَامُ الْحَدُّ

وَإِذَا حُكِمَ بِالرَّجْمِ أُمِرَ الشُّهُودُ أَنْ يَبْدَءُوا بِالرَّجْمِ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، وَلَا يُرْبَطُ الْمَرْجُومُ وَلَا يُمْسَكُ وَلَا يُحْفَرُ لَهُ إذَا كَانَ رَجُلًا وَلَكِنَّهُ يُقَامُ قَائِمًا وَيُنْصَبُ لِلنَّاسِ وَيُرْجَمُ.

وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً، فَإِنْ شَاءَ حَفَرَ لَهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَحْفِرْ، وَلَا بَأْسَ لِكُلِّ مَنْ رَمَى أَنْ يَتَعَمَّدَ مَقْتَلَهُ إلَّا إذَا كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَرْجُومِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ مَقْتَلَهُ.

وَيُجَرَّدُ فِي التَّعْزِيرِ وَحَدِّ الزِّنَا، وَكَذَا فِي حَدِّ الشُّرْبِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ لَا يُجَرَّدُ فِي الشُّرْبِ، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَلَا يُجَرَّدُ فِيهِ، وَلَكِنْ يُنْزَعُ عَنْهُ الْحَشْوُ وَالْفَرْوُ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يُنْزَعُ عَنْهَا ثِيَابُهَا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ إلَّا الْحَشْوُ وَالْفَرْوُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْحَدُّ فِي الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا مَا خَلَا الْفَرْجَ وَالْوَجْهَ وَالرَّأْسَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَتَّقِي الصَّدْرَ وَالْبَطْنَ وَيَضْرِبُ الرَّأْسَ سَوْطًا أَوْ سَوْطَيْنِ وَيُفَرِّقُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. وَأَمَّا فِي التَّعْزِيرِ فَلَا يُفَرِّقُ عَلَى الْأَعْضَاءِ.

(فَصْلٌ) :

وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا ضَرَبَ النَّاسَ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا أَنْ يَضْرِبَ الرِّجَالَ قِيَامًا وَيَأْمُرَ الْجَلَّادَ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ بِالسَّوْطِ جِدًّا، وَلَا يُخَفِّفَهَا جِدًّا وَلَكِنْ وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ.

وَضَرْبُ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا سَوَاءٌ فِي الْإِيجَاعِ، وَإِذَا اقْتَصَّ لِلنَّاسِ فِي جِرَاحَاتِهِمْ دَعَا بِطَبِيبٍ رَفِيقٍ يَقْتَصُّ لَهُمْ، وَأُجْرَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ.

<<  <   >  >>