للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَرْعٌ) :

شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ يَوْمَ كَذَا وَصَنَعَ شَيْئًا فِي مَكَانِ كَذَا، فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي مَكَان ذَكَرَهُ الْأَوَّلَانِ وَكَانَ فِي مَكَانِ كَذَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا كَانَ فِي مَكَانِ كَذَا نَفْيُ مَعْنًى، وَلَوْ كَانَ إثْبَاتًا صُورَةً إذْ الْغَرَضُ نَفْيُ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ أَمَّنَ الْإِمَامُ أَهْلَ مَدِينَةٍ فَاخْتَلَطُوا بِأَهْلِ مَدِينَةٍ أُخْرَى وَقَالُوا كُنَّا جَمِيعًا فَشَهِدَ شُهُودٌ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا وَقْتَ الْأَمَانِ فِيهَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لَهُ قَالَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ.

(فَرْعٌ) :

الشَّرْطُ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ كَانَ نَفْيًا، كَمَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَبَرْهَنَ الْقِنُّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ يُعْتَقُ.

قِيلَ فَعَلَى هَذَا لَوْ جُعِلَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ ثُمَّ ضَرَبَهَا وَقَالَ ضَرَبْتُهَا بِجِنَايَةٍ وَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهَا وَإِنْ قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِقِيَامِهَا عَلَى الشَّرْطِ مِنْ الْمَبْسُوطِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

حَلَفَ إنْ لَمْ تَجِئْ صِهْرَتُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَامْرَأَتُهُ كَذَا، فَشَهِدَا أَنَّهُ حَلَفَ كَذَا وَلَمْ تَجِئْ صِهْرَتُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَطَلُقَتْ امْرَأَتُهُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النَّفْيِ صُورَةً عَلَى إثْبَاتِ الطَّلَاقِ حَقِيقَةً.

وَالْعِبْرَةُ لِلْمَقَاصِدِ لَا الصُّوَرِ، كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَسْلَمَ وَاسْتَثْنَى، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ إثْبَاتِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا نَفْيٌ، إذْ غَرَضُهَا إثْبَاتُ إسْلَامِهِ اُنْظُرْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي الْأَصْلِ: الْوَارِثُ لَوْ كَانَ يَجِبُ بِغَيْرِهِ كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ يُعْطَى شَيْئًا مَا، لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، أَوْ يَشْهَدَا أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ وَارِثًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ إرْثَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ الْكَلَالَةِ وَهِيَ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَالِدٌ وَلَا وَلَدٌ، فَلَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِنَصٍّ مِنْ الشُّهُودِ، لَا يَرِثُ، وَلَوْ قَالَا: لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ تُقْبَلُ عِنْدَنَا لَا عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ. احْتَجَّ ابْنُ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمَا جَازَا، فَإِذَا لَا طَرِيقَ لَهُمَا إلَى مَعْرِفَةِ نَفْيِ الْوَلَدِ وَلَنَا الْعُرْفُ، فَإِنَّ مُرَادَ النَّاسِ بِهِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ قُبِلَتْ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى الشَّرْطِ وَلَوْ كَانَ نَفْيًا، وَهَذَا كَذَلِكَ لِقِيَامِهَا عَلَى شَرْطِ الْإِرْثِ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ مَنْ لَا يُحْجَبُ بِأَحَدٍ، فَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُهُ وَلَمْ يَقُولَا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ لَا نَعْلَمُهُ، يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي زَمَانًا رَجَاءَ أَنْ يَحْضُرَ وَارِثٌ آخَرُ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ يَقْضِي لَهُ بِجَمِيعِ الْإِرْثِ، وَلَا يُكْفَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: يَعْنِي فِيمَا قَالَا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَا نَعْلَمُهُ، وَفِيمَا قَالَا نَعْلَمُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِهِ.

وَعِنْدَهُمَا يُكْفَلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَمُدَّةُ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضَةٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَقِيلَ حَوْلٌ، وَقِيلَ شَهْرٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَأَمَّا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَوْ أَثْبَتَ الْوِرَاثَةَ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يُثْبِتْ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يُحْكَمُ لَهُمَا بِأَكْثَرِ النَّصِيبَيْنِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُحْكَمُ لَهَا بِأَقَلِّ النَّصِيبَيْنِ، لَهُ الرُّبْعُ، وَلَهَا الثُّمْنُ.

(فَرْعٌ) :

لَوْ شُرِطَ عَلَى الظِّئْرِ الْإِرْضَاعُ بِنَفْسِهَا فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ فَلَا أَجْرَ لَهَا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ يَمِينِهَا اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ بَرْهَنَ أَهْلُ الصَّبِيِّ عَلَى مَا ادَّعَوْا فَلَا أَجْرَ لَهَا. وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ لَا بِلَبَنِ نَفْسِهَا.

أَمَّا لَوْ اكْتَفَيَا بِقَوْلِهِمَا مَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ نَفْسِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِقِيَامِهَا عَلَى النَّفْيِ مَقْصُودًا، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ ثَمَّ دَخَلَ فِي ضِمْنِ الْإِثْبَاتِ، وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ النَّظَرِ أَوْلَى. اُنْظُرْ الْمُحِيطَ.

[الْبَابُ الْعِشْرُونَ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي تُوجِبُ حُكْمًا وَلَا تُوجِبُ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ]

فِي الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي تُوجِبُ حُكْمًا وَلَا تُوجِبُ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّهُ سَرَقَ بَعْدَ حِينٍ، ضَمِنَ الْمَالَ، وَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ التَّقَادُمَ يُؤَثِّرُ فِي الْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ.

<<  <   >  >>