[فَصْلٌ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ أَوْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
فَصْلٌ) :
فِيمَنْ سَبَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَوْ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ أَوْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ اسْتَوْفَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالشِّفَاءِ الْكَلَامَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ لِغَيْرِهِ مَقَالًا.
وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا خِلَافَ أَنَّ سَابَّ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اسْتِتَابَتِهِ.
(فَصْلٌ) :
وَمَنْ سَبَّ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ قُتِلَ.
وَوَقَعَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ: لِقَاؤُكَ عَلَيَّ كَلِقَاءِ مَلَكِ الْمَوْتِ قَالَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنْ كَانَ قَالَهُ لِكَرَاهَةِ الْمَوْتِ لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَهُ لِعَدَاوَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ يَكْفُرُ.
(فَصْلٌ) :
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي سَبِّ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ: مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَسَبِهِ أَوْ نَفْسِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ وَالِازْدِرَاءِ عَلَيْهِ أَوْ النَّقْصِ لِشَأْنِهِ أَوْ الْغَضِّ مِنْهُ وَالْعَيْبِ لَهُ فَهُوَ سَابٌّ تَلْوِيحًا كَانَ أَوْ تَصْرِيحًا، وَكَذَلِكَ مَنْ لَعَنَهُ أَوْ دَعَا عَلَيْهِ أَوْ تَمَنَّى مَضَرَّةً لَهُ أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ أَوْ عَبَثَ فِي جِهَتِهِ الْعَزِيزَةِ بِسُخْفٍ مِنْ الْكَلَامِ أَوْ بِشَيْءٍ مِمَّا جَرَى مِنْ الْبَلَاءِ وَالْمِحْنَةِ عَلَيْهِ أَوْ عِصْمَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ الْجَائِزَةِ وَالْمَعْهُودَةِ لَدَيْهِ - قُتِلَ.
قَالَ: هَذَا كُلُّهُ إجْمَاعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى مِنْ لَدُنْ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - إلَى هَلُمَّ جَرًّا.
(مَسْأَلَةٌ) :
لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَحَدُهُمَا عَدْلٌ أَنَّ رَجُلًا سَبَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَدَبُ الْوَجِيعُ وَالتَّنْكِيلُ، وَيُطَالُ سِجْنُهُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ.
[فَصْلٌ فِيمَنْ سَبَّ أَزْوَاجَهُ أَوْ أَصْحَابَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
(فَصْلٌ) :
وَسَبُّهُمْ وَنَقْصُهُمْ حَرَامٌ مَلْعُونٌ فَاعِلُهُ، وَمَنْ شَتَمَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ عَلِيًّا أَوْ مُعَاوِيَةَ أَوْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَإِنْ قَالَ: كَانُوا عَلَى ضَلَالٍ وَكُفْرٍ قُتِلَ، وَإِنْ شَتَمَهُمْ بِغَيْرِ هَذَا مِنْ مُشَاتَمَةِ النَّاسِ نُكِّلَ نَكَالًا شَدِيدًا.
(مَسْأَلَةٌ) :
الرَّافِضِيُّ إنْ كَانَ يَسُبُّ الشَّيْخَيْنِ وَيَلْعَنُهُمَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ كَانَ يُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا يَكُونُ كَافِرًا، لَكِنَّهُ مُبْتَدِعٌ.
وَالْمُعْتَزِلِيُّ مُبْتَدِعٌ إلَّا إذَا قَالَ بِاسْتِحَالَةِ الرُّؤْيَةِ فَحِينَئِذٍ هُوَ كَافِرٌ.
وَالْمُشَبِّهُ مُبْتَدِعٌ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْيَدِ الْجَارِحَةَ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَالْمُبْتَدِعُ: صَاحِبُ الْبِدْعَةِ الْكَبِيرَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى: سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَقَالَ: أَنْ تُفَضِّلَ الشَّيْخَيْنِ وَتُحِبَّ الْحَسَنَيْنِ وَتَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَتُصَلِّيَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَاَللَّهُ الْهَادِي. مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَرَوَى مَالِكٌ: مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ جُلِدَ، وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قُتِلَ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ؟ فَقَالَ: مَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ.
(فَصْلٌ) :
وَمَنْ سَبَّ غَيْرَ عَائِشَةَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَحَدُهَا أَنْ يُقْتَلَ؛ لِأَنَّهُ سَبَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِسَبِّ حَلِيلَتِهِ، وَالْآخَرُ أَنَّهَا كَسَائِرِ الصَّحَابَةِ يُجْلَدُ جَلْدَ الْمُفْتَرِي
[فَصْلٌ مَنْ انْتَسَبَ إلَى آلِ النَّبِيِّ]
(فَصْلٌ) :
وَمَنْ انْتَسَبَ إلَى آلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَيُشْهَرُ وَيُحْبَسُ طَوِيلًا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
[فَصْلٌ مَنْ اسْتَخَفَّ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ]
(فَصْلٌ) :
وَمَنْ اسْتَخَفَّ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَحَدَهُ أَوْ حَرْفًا مِنْهُ أَوْ كَذَّبَ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ أَثْبَتَ مَا نَفَاهُ أَوْ نَفَى مَا أَثْبَتَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِذَلِكَ، أَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْإِجْمَاعِ.
وَكَذَا مَنْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ زَادَ فِيهِ كَفِعْلِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّة أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ لَيْسَ