للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِي نَسَبَهُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ وَوَارِثُهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَمْ يُحَوَّلْ النَّسَبُ مِنْ أَبٍ إلَى أَبٍ وَمِنْ فَخِذٍ إلَى فَخِذٍ آخَرَ.

[فَصْلٌ الْعِلْمَ بِالْمَشْهُودِ بِهِ]

(فَصْلٌ) :

قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ أَصْلُهُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَشْهُودِ بِهِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ الْإِلْزَامُ، وَذَا لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْعِلْمِ بِهِ، إذَا عَرَفْتَ هَذَا شَهِدَ أَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَلَمْ يُخْبِرْ بِسَبَبٍ يَرِثُ بِهِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْوِرَاثَةِ إلَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِسَبَبٍ مِنْهَا مَعَ الْجَهَالَةِ فَتَعَذَّرَ الْقَضَاءُ أَصْلًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ مَوْلَاهُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ وَالْعُمُومَةَ مُخْتَلِفَةٌ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْعُصُوبَةُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْفَرْضِيَّةُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ لِأُمٍّ، وَأَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي الْحَجْبِ، فَلَوْ قَضَى لِهَذَا رُبَّمَا يَأْتِي آخَرُ فَيَدَّعِي الْمِيرَاثَ وَلَا يَدْرِي أَنَّ هَذَا حَاجِبٌ أَوْ مَحْجُوبٌ.

[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

(فَصْلٌ) :

شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى دَارٍ فِي يَدِ زَيْدٍ أَنَّ عَمْرًا اشْتَرَاهَا مِنْهُ يَنْظُرُ إنْ سَمَّيَا الثَّمَنَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَهُوَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَعْلُومٌ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا الثَّمَنَ وَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَلَمْ يَشْهَدَا بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَقْضِيٌّ بِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَجَهَالَةُ الْمَقْضِيِّ بِهِ تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِلْقَاضِي الْقَضَاءُ بِهِ، وَإِنْ شَهِدَا بِقَبْضِ الثَّمَنِ تُقْبَلُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفٍ وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ الْبَيْعَ كَلَّفَ الِابْنَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَلَا يُكَلَّفُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ مَتَى أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ إقْرَارَ ذِي الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِيهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ الْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ وَغَابَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَلَا يُدْرَى مَوْضِعُهُ وَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَبِيعُ الْقَاضِي الْجَارِيَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ شَرْطَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْبَائِعِ لَا لِلْقَضَاءِ بِالشِّرَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَكِنْ أَنَّهُ ادَّعَى إيجَابَ حِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ عَلَى الْقَاضِي، وَعَلَى الْقَاضِي حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُخْشَى عَلَيْهِ الثُّوِيُّ وَالتَّلَفُ فَكَانَ لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَلْتَزِمَ هَذَا الْحِفْظَ إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ.

[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

(فَصْلٌ) :

الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِدُونِ الْعِلْمِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَشْهُودِ بِهِ مَعْلُومًا لِلشَّاهِدِ شَرْطٌ لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالنَّصِّ وَلَمْ يُوجَدْ؛ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ تَكُونُ عَدْلًا وَقَدْ تَكُونُ جَوْرًا بِأَنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَعَانَهُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَلَا يَتَبَيَّنُ الْجَوْرُ مِنْ الْعَدْلِ إلَّا بِالْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى وَصِيَّةٍ لَمْ يَقْرَأْهُ وَلَمْ يُقْرَأْ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَتَبَ الصَّكَّ أَوْ الْوَصِيَّةَ بِخَطِّهِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، وَقَدْ عَرَفَ الشَّاهِدُ مَا كَتَبَ يَسَعُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ اشْهَدْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ اشْهَدْ لَا يَسَعُهُ؛ لِأَنَّ كِتَابَ الصَّكِّ وَالْإِقْرَارِ قَدْ يَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَالِامْتِحَانِ، وَقَدْ يَكُونُ لِيَتَعَلَّمَ كَيْفِيَّةَ الصَّكِّ أَنَّهُ كَيْفَ يُكْتَبُ، وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا إذَا أَمَرَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَمْرِ بِالشَّهَادَةِ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ لِلِاسْتِيثَاقِ عَلَى نَفْسِهِ لَا لِلتَّجْرِبَةِ وَالِامْتِحَانِ، وَهَذَا إذَا عَرَفَ مَا فِي الْكِتَابِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ اُنْظُرْ الْمُحِيطَ.

[فَصْلٌ رَجُلٌ قَالَ إنَّ عَبْدِي حُرٌّ وَهُوَ وَصِيٌّ فَمَاتَ]

(فَصْلٌ) :

قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ قَالَ إنَّ عَبْدِي حُرٌّ وَهُوَ وَصِيٌّ، فَمَاتَ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْعِتْقِ وَالْوِصَايَةِ وَشَهِدَ الْمُعْتَقُ وَأَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ لِلشَّاهِدِ الْآخَرِ أَنَّ الْمَيِّتَ وَصَّى لَهُ بِأَلْفٍ، يَنْظُرُ إنْ شَهِدَ بِتِلْكَ الشَّهَادَتَيْنِ مَعًا عِنْدَ

<<  <   >  >>