للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ يَصِيرَ مُحْرَزًا بِالْحَافِظِ، فَإِنَّ مَنْ جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ مَتَاعُهُ فَهُوَ مُحْرَزٌ بِهِ، وَمَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِسَائِرِ الْأَنْوَاعِ، حَتَّى قِيلَ شَرِيحَةُ الْبَقَّالِ حِرْزٌ لِلْجَوْهَرِ، وَسَوَاءٌ سُرِقَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْبَابِ أَوْ لَا بَابَ لَهُ إذَا حُجِزَ الْبِنَاءُ، وَالْمَكَانُ الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لِلْحِرْزِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَافِظُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَافِظُ نَائِمًا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ مُسْتَيْقِظًا، وَمَا كَانَ مُحْرَزًا بِالْأَبْنِيَةِ فَأُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ فَسَرَقَ هَذَا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الدُّخُولِ لَمْ يُقْطَعْ وَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ حَافِظٌ أَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ نَائِمًا عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ عُقُوبَة السَّرِقَةِ]

(فَصْلٌ) :

فِي عُقُوبَةِ السَّرِقَةِ

وَهُوَ الْقَطْعُ وَذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، وَمَحَلُّهُ قَطْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى مِنْ مِفْصَلِ الزَّنْدِ وَإِبْهَامِ الْيُمْنَى بِشَرَائِطَ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْيُسْرَى صَحِيحَةً وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى صَحِيحَةً، فَإِنْ كَانَتْ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةً أَوْ شَلَّاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْإِبْهَامِ أَوْ ثَلَاثِ أَصَابِعَ سِوَى الْإِبْهَامِ لَمْ تُقْطَعْ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَكُونُ إهْلَاكًا مِنْ وَجْهٍ.

وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا سَرَقَ وَإِبْهَامُ يَدِهِ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ سِوَى الْإِبْهَامِ لَمْ تُقْطَعْ الْيُمْنَى، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً سِوَى الْإِبْهَامِ تُقْطَعُ، وَلَا قَطْعَ فِي الْيَدِ الْيُسْرَى عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا فِي الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَإِنَّمَا تُقْطَعُ الْيُمْنَى فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَالرِّجْلُ الْيُسْرَى فِي الْكَرَّةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يُعَزَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُحْبَسُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ: تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي الْكَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ، فَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ حُبِسَ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: يُقْتَلُ.

وَالْقَطْعُ لِوُجُوبِهِ شُرُوطٌ بَعْضُهَا فِي السَّارِقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا.

وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عُقُوبَةٌ، وَأَنَّهُ يَسْتَدْعِي سَابِقَةَ جِنَايَةٍ، وَالْفِعْلُ لَا يَقَعُ جِنَايَةً مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ قَرَابَةُ وِلَادَةٍ أَوْ قَرَابَةُ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَلَا زَوْجِيَّةٍ.

وَبَعْضُهَا فِي الْمَسْرُوقِ، وَهُوَ كَوْنُهُ نِصَابًا بِالْإِجْمَاعِ.

[فَصْلٌ بَاعَ السَّارِقُ الْعَيْنَ مِنْ غَيْرِهِ]

(فَصْلٌ) :

مَا أَوْجَبَ الْقَطْعَ فَإِنَّ السَّارِقَ لَا يَضْمَنُ إذَا قُطِعَ، وَلَا يَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْطَعُ وَيَضْمَنُ مَا اسْتَهْلَكَ، وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً رُدَّتْ إلَى الْمَالِكِ.

وَلَوْ سَقَطَ الْقَطْعُ بِشُبْهَةٍ مُعْتَرِضَةٍ نَحْوَ أَنْ مَلَكَ بَعْضَ الْمَسْرُوقِ ضَمِنَ، وَلَوْ بَاعَ السَّارِقُ الْعَيْنَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ وَهَبَ رُدَّتْ عَلَى صَاحِبِهَا وَالتَّمْلِيكُ بَاطِلٌ، فَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَدْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّارِقِ وَلَا عَلَى الْقَابِضِ. هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

وَلَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ مِنْ السَّارِقِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَ الْقَطْعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّارِقِ وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ.

قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ السَّارِقُ الْمَتَاعَ بَعْدَ الْقَطْعِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَةِ.

وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا اسْتَهْلَكَ، وَلَوْ هَلَكَ أَوْ سَرَقَ لَمْ يَضْمَنْ.

وَلَوْ وَجَدَهُ الْمَالِكُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ السَّارِقِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَيَرْجِعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى السَّارِقِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ اسْتَهْلَكَ كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ وَيَرْجِعَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى السَّارِقِ بِالثَّمَنِ دُونَ الْقِيمَةِ. اُنْظُرْ الْإِيضَاحَ.

[فَصْلٌ فِي الزِّنَا]

(فَصْلٌ) :

الْحَدُّ الْوَاجِبُ بِالزِّنَا نَوْعَانِ: رَجْمٌ وَجَلْدٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ.

فَأَمَّا الْبِكْرُ فَحَدُّهُ الْجَلْدُ، وَالتَّغْرِيبُ لَيْسَ بِحَدٍّ وَلَكِنَّ الْإِمَامَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ - سِيَاسَةً - جَازَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُجْمَعُ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ سَنَةً، وَالرَّجْمُ يَجِبُ عَلَى الْمُحْصَنِ، وَالْإِحْصَانُ عِبَارَةٌ عَنْ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي الْفَرْجِ عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ وَالْإِسْلَامِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهُوَ أَحَدُ

<<  <   >  >>