للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهُوَ أَنْ يَشِيعَ عَلَى أَلْسِنَةِ قَوْمٍ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ قَالُوا أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ وَيَشْهَدُ وَلَا يُفَسِّرُ، فَإِنْ فَسَّرَ فَلَيْسَتْ بِعُرْفِيَّةٍ فَلَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ تُقْبَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي الْقَضَاءِ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُمَا]

فِي الْقَضَاءِ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُمَا.

وَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْعِدَّةِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْمُبَارَاةِ وَالْعِتْقِ وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْبُيُوعِ وَالْإِقَالَةِ وَالْخِيَارَاتِ وَالشَّرِكَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَالْحِرَابَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ وَالصُّلْحِ، فَكُلُّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ مَقْبُولَيْنِ، إلَّا فِي الزِّنَا، فَإِنْ شَهِدَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ أَحْدَثَ حُكْمًا آخَرَ بَيَانُهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ عَلَى الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَاسِقًا، لَا يَضَعُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَإِنْ قَالَتْ: الشَّاهِدُ الْآخَرُ غَائِبٌ. لَا يَضَعُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَحْضُرُ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الزَّوْجِ بِالشَّكِّ، وَإِنْ قَالَتْ: حَاضِرٌ. يَضَعُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ مَقْبُولٌ، وَأَمْرُ الْبُضْعِ يُحْتَاطُ فِيهِ فَيَحُولُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا، وَلَكِنْ لَا تَجِبُ الْحَيْلُولَةُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْحِلِّ قَائِمٌ وَهُوَ النِّكَاحُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحِلْ بَيْنَهُمَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ لَهُ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَحُولُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُعْتَدَّةٌ أَوْ مَنْكُوحَةٌ فَمَسْكَنُهَا بَيْتُ الزَّوْجِ؛ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ الطَّلَاقِ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ وَلَا الْخَلْوَةَ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْإِتْيَانِ بِآخَرَ هُدِرَتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا.

(فَرْعٌ) :

ثُمَّ إذَا شَهِدَ فِي بَابِ النِّكَاحِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ مُقِرَّيْنِ أَشْهَدَا شَاهِدًا آخَرَ وَأُجْبِرَ الْآبِي مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُنْكِرًا لَمْ يَحْلِفْ الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ الشَّاهِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ إذْ لَوْ نَكَلَ لَا يَقْضِي بِنُكُولِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ هَا هُنَا مُتَعَذِّرٌ؛ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ النُّكُولَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ مُقِرًّا لَصَارَ إنْكَارُهُ كَذِبًا وَالْكَذِبُ حَرَامٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ النُّكُولَ بَدَلًا؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ وَالْإِبَاحَةَ لَا تَجْرِي فِي الْأَشْيَاءِ الْمَخْصُوصَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبْضَاعَ وَالنُّفُوسَ مُحْتَرَمَةٌ لِعَيْنِهَا حَقًّا لِلَّهِ وَلِلْعَبْدِ فَلَا تُبَاحُ بِإِبَاحَةِ الْعَبْدِ، وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ إبْطَالَ شَهَادَةِ الْفَرْدِ وَقُلْنَا بِقَوْلِهِمَا يُسْتَحْلَفُ، فَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى بِنُكُولِهِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى قَتْلٍ عَجَزَ عَنْ الْآخَرِ أَنْ يَهْدِرَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ وَيَحْلِفَ عَلَى الطَّرَفِ، وَيُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي الْقِصَاصِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي النَّفْسِ بِالدِّيَةِ. اُنْظُرْ الْمُحِيطَ وَشَرْحَ التَّجْرِيدِ فِي بَابِ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ.

(تَنْبِيهٌ) :

فَإِنْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ طُولِ السَّجْنِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَكُنْ السَّجْنُ فِي حَقِّهِ إكْرَاهًا؛ لِأَنَّهُ سُجِنَ بِحَقٍّ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ ظُلْمًا.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَضَاءِ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ]

أَمَّا الْقَضَاءُ فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِشَاهِدَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

وَأَمَّا شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَمَقْبُولَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَتَوَابِعِهَا.

وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ سَاوَتْ

<<  <   >  >>