للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاسْتِبْدَالُهُ.

وَلَوْ دَفَعَ الْمُتَوَلِّي شَيْئًا إلَى ذِي الْيَدِ وَأَخَذَ الدَّارَ لِلْوَقْفِ يَجُوزُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى إثْبَاتِ الْوَقْفِ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ، وَالْفُضُولِيُّ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يَجُوزُ إذْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فَعَلَهُ لِيَأْخُذَ الدَّارَ

أَمَّا الْفُضُولِيُّ فَلَوْ فَعَلَهُ مِنْ مَالِهِ لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ فَيَدْفَعُ مَالَهُ وَلَا يَأْخُذُ الدَّارَ.

مِنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ.

[فَصْلٌ: مُتَوَلٍّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَّفَ عَلَى كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفَ]

(فَصْلٌ) :

مُتَوَلٍّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَّفَ عَلَى كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفَ، قِيلَ يُسْمَعُ، وَقِيلَ لَا مَا لَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفَ عِنْدَهُمْ، إذْ الْوَقْفُ عِنْدَهُمَا حَبْسُ أَصْلِ الْمِلْكِ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِئَلَّا يَكُونَ إثْبَاتًا لِلْمَجْهُولِ.

قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ بِلَا بَيَانِ وَاقِفٍ تُقْبَلُ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّشِيدِيَّةِ لَا تُقْبَلُ قَالَ فِي الْعُدَّةِ: يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ لَوْ كَانَ قَدِيمًا وَلَوْ ذَكَرُوا الْوَاقِفَ لَا الْمَصْرِفَ يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقْفٌ مَشْهُورٌ قَدِيمٌ لَا يُعْرَفُ وَاقِفُهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ فَادَّعَى الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى كَذَا مَشْهُورٌ، وَشَهِدَا كَذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ إذْ الشَّهَادَةُ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ بِالشُّهْرَةِ تَجُوزُ فِي الْمُخْتَارِ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَمَّا عَلَى الشَّرَائِطِ فَلَا، هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَفِي الْفَتَاوَى الرَّشِيدِيَّةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْوَقْفِ، وَكَذَا شَهَادَةُ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِصَرِيحٍ لَوْ صَرَّحَا بِهِ، إذْ الشَّهَادَةُ رُبَّمَا تَكُونُ سَنَةَ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَارِيخُ الْوَقْفِ مِائَةُ سَنَةٍ فَتَيَقَّنَ الْقَاضِي أَنَّهُ شَهِدَ بِسَمَاعٍ فَإِذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ سُكُوتٍ وَإِفْصَاحٍ، بِخِلَافِ سَائِرِ مَا تَجُوزُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِسَمَاعٍ فَإِنَّهُمَا لَوْ صَرَّحَا أَنَّهُمَا شَهِدَا بِسَمَاعٍ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَا بِوَقْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْ عَلَى آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا تُقْبَلُ لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَّفَهُ عَلَى زَيْدٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَّفَهُ عَلَى عَمْرٍو تُقْبَلُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا اتِّفَاقَا أَنَّهُ وَقْفٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ: وَقَّفَ نِصْفَهُ أَوْ نَحْوَهُ مَشَاعًا جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ قَالَ وَقَّفْتُ حِصَّتِي مِنْهُ وَلَمْ يُسَمِّهَا قَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُجِيزَهُ لَوْ ثَبَتَ الْوَاقِفُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَقْفِ، وَإِلَّا فَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ وَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَمِنْهُ وَسَمَّيَاهُ تُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِالْوَقْفِ، وَلَوْ شَهِدَا بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَعْرِفَا حِصَّتَهُ أَخَذَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ سَمَّى حِصَّتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا سَمَّاهُ وَيُحْكَمُ بِوَقْفِيَّتِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَمَا أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ إلَى أَنْ يُثْبِتَ الزِّيَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فَيَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْهُ.

وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَقَّفَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِذَا هُوَ أَكْثَرُ يَصِيرُ جَمِيعُ حِصَّتِهِ وَقْفًا، أَلَا يَرَى أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ لَهُ بِثُلُثِ مَالِي وَهُوَ أَلْفٌ فَإِذَا هُوَ أَكْثَرُ فَلَهُ الثُّلُثُ كُلُّهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ وَأَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِحِصَّتِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِذَا هِيَ النِّصْفُ فَلَهُ نِصْفُهُ، فَكَذَا الْوَقْفُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: غَصَبَ وَقْفًا فَنَقَصَ فَمَا أَخَذَ بِنَقْصِهِ يُصْرَفُ إلَى مَرَمَّتِهِ لَا إلَى أَهْلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ وَحَقُّهُمْ فِي الْغَلَّةِ لَا فِي الرَّقَبَةِ، وَلَوْ زَادَ غَاصِبُهُ فِيهِ شَيْئًا فَلَوْ كَانَ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِلَا شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ مَالًا قَائِمًا كَغَرْسٍ وَبِنَاءٍ أَمَرَ بِقَلْعِهِ إلَّا إذَا أَضَرَّ بِالْوَقْفِ فَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ أَوْ الْقَاضِي قِيمَتَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا يُؤَجِّرُ الْوَقْفَ وَيُعْطِي مِنْ أُجْرَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي النَّوَازِلِ: سُئِلَ النَّسَفِيُّ عَنْ أَرْضِ وَقْفٍ فِيهِ بِنَاءٌ مَمْلُوكٌ، وَكَانَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ يَوْمئِذٍ فَتَبَدَّلَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ زَمَانٍ وَزَادَ أَجْرَ مِثْلِهِ، فَأَبَى مَالِكُ الْبِنَاءِ إلَّا بِالْأُجْرَةِ الْأُولَى وَالْمُتَوَلِّي الْجَدِيدُ لَا يَرْضَى إلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ الْآنَ، هَلْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

<<  <   >  >>