للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْهَلَاكَ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ، وَالْهَلَاكُ فِي السِّجْنِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّمَا يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْكَفِيلَ لَا يُطْلِقُهُ.

(فَرْعٌ) :

لَوْ احْتَاجَ إلَى الْجِمَاعِ نُدْخِلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ حَتَّى يُجَامِعَهَا، لَكِنْ فِي مَوْضِعٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا خَالِيًا لَا يُجَامِعُ.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ لِلضَّرُورَةِ ثَمَّةَ.

وَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْكَسْبِ؟ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُمْنَعُ.

(فَصْلٌ) :

وَيُتْرَكُ لَهُ دَسْتَانِ مِنْ الثِّيَابِ وَيُبَاعُ الْبَاقِي فِي الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ تُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَهُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ وَيُصْرَفُ الْبَاقِي إلَى الدَّيْنِ. وَعَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ بَاعَ عِمَامَةَ الْمَحْبُوسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ هَكَذَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبِيعُ الْقَاضِي الْمَبِيعَ لِأَجْلِ الثَّمَنِ وَهَذَا قَوْلُهُمَا.

وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَبِيعُ الْعُرُوضَ وَلَا الْعَقَارَ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ.

وَلَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ أَبِيعُ عَبْدِي هَذَا وَأَقْضِي الدَّيْنَ مِنْهُ لَا يَحْبِسُهُ الْقَاضِي وَيُؤَجِّلُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ يُحْبَسُ لِيَبِيعَ وَيَقْضِيَ الدَّيْنَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَى إلَّا بِثَمَنٍ قَلِيلٍ.

[فَصْلٌ إذَا حَبَسَ الْقَاضِي رَجُلًا يَسْأَلُ عَنْ يَسَارِهِ]

(فَصْلٌ) :

إذَا حَبَسَ الْقَاضِي رَجُلًا يَسْأَلُ عَنْ يَسَارِهِ، إنْ كَانَ مُوسِرًا أَبَدًا يُحْبَسُ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا خَلَّى سَبِيلَهُ.

وَفِي كَفَالَةِ الْأَصْلِ إذَا حُبِسَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً يُسْأَلُ عَنْ حَالِهِ، هَذَا إذَا كَانَ أَمْرُهُ مُشْكِلًا، أَمَّا إنْ كَانَ أَمْرُهُ ظَاهِرًا عِنْدَ النَّاسِ وَعِنْدَ الْقَاضِي يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَيُخْلِي سَبِيلَهُ، وَإِذَا كَانَ أَمْرُهُ مُشْكِلًا هَلْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الْحَبْسِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، يَسْأَلُ وَيَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِفْلَاسِ قَبْلَ الْحَبْسِ وَهُوَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ.

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ بَعْدَ الْحَبْسِ: فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً كَمَا ذَكَرْنَا، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي.

وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ: إنْ رَآهُ الْقَاضِي سَمْحًا يَأْخُذُ بِرِوَايَةِ الْأَقَلِّ، وَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يَأْخُذُ بِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِ ثُمَّ يَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ مِنْ جِيرَانِهِ وَمَنْ يُخَالِطُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَالْوَاحِدُ يَكْفِي وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَقَامَ الْمَدْيُونُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِفْلَاسِ وَأَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَسَارِ فَبَيِّنَةُ الطَّالِبِ أَوْلَى، وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ مَا يُثْبِتُ بِهِ الْيَسَارَ.

وَفِي بَيِّنَةِ الْإِفْلَاسِ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُدَّعِي.

وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ: وَإِذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ مُدَّةٍ فَأُخْبِرَ بِأَنَّهُ مُفْلِسٌ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ.

(فَرْعٌ) :

ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: نَشْهَدُ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا وَلَا عَرَضًا مِنْ الْعُرُوضِ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ حَالِ الْفَقْرِ.

وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ: يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: نَشْهَدُ أَنَّهُ مُفْلِسٌ مُعْدَمٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى كِسْوَتِهِ الَّتِي عَلَيْهِ وَثِيَابِ لَيْلِهِ وَقَدْ اخْتَبَرْنَا أَمْرَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَلَوْ لَمْ يُخْبِرْ أَحَدٌ عَنْ حَالِهِ لَكِنْ قَالَ الْمَدْيُونُ: أَنَا مُعْسِرٌ وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: إنَّهُ مُوسِرٌ، ذُكِرَ فِي التَّجْرِيدِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْمَدْيُونُ فِي أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي كُلِّ مَا هُوَ بَدَلُ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ كَثَمَنِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، وَكَذَا فِي كُلِّ دَيْنٍ وَجَبَ بِعَقْدِهِ وَالْتِزَامِهِ كَالْكَفَالَةِ وَالْمَهْرِ.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ: لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ، أَمَّا فِي الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ فَيُصَدَّقُ.

<<  <   >  >>