للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَصْلٌ) :

ادَّعَتْ نِكَاحَهُ فِي رَبِيعِ كَذَا وَادَّعَتْ الْمَهْرَ فِي تَرِكَتِهِ وَالْوَرَثَةُ بَرْهَنُوا أَنَّ مُورِثَهُمْ مَاتَ فِي صَفَرٍ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا الْمَوْتَ، وَالْمَوْتُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: ادَّعَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ ثُمَّ ادَّعَتْ الْمُسَمَّى يُقْبَلُ؛ إذْ الْمُسَمَّى يُتَصَوَّرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ بِأَنْ سُمِّيَ بَعْدَ نِكَاحٍ بِلَا تَسْمِيَةٍ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْمُسَمَّى ثُمَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا يُقْبَلُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

مِنْ النَّوَازِلِ مَاتَ فَادَّعَتْ امْرَأَتُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ مَهْرَهَا يُصْرَفُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا.

قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَوْ بَنَى بِهَا يُمْنَعُ مِنْهَا قَدْرُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي التَّعْجِيلِ بِهِ، وَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ، وَالْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ النِّكَاحَ شَاهِدٌ عَلَى وُجُوبِ كُلِّ الْمَهْرِ، وَالْعُرْفَ شَاهِدٌ عَلَى قَبْضِ بَعْضِ الْمَهْرِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا.

وَقِيلَ لَوْ صَرَّحَتْ بِإِنْكَارِ الْقَبْضِ وَقَالَتْ: لَمْ أَقْبِضْ شَيْئًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، إذْ النِّكَاحُ دَلِيلٌ مُحْكَمٌ عَلَى وُجُوبِ كُلِّ الْمَهْرِ، وَالدُّخُولُ وَالْمَوْتُ دَلِيلَانِ مُحْكَمَانِ عَلَى تَقْرِيرِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ، وَالْبِنَاءُ بِهَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ مُحْكَمٍ عَلَى قَبْضِ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْنِي بِهَا قَبْلَ تَعْجِيلِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ كُلَّ مَهْرِهَا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَبَرْهَنَتْ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِهِ لَا تُسْمَعُ؛ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُسَلِّمْ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ فَكَذَّبَهَا الظَّاهِرُ.

(فَصْلٌ) :

تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ وَهِيَ فِي بَيْتِ الْأَبِ بَعْدُ، فَلَهَا ذَلِكَ لَوْ لَمْ يُطَالِبْهَا الزَّوْجُ بِالنُّقْلَةِ؛ إذْ النَّفَقَةُ حَقُّهَا وَالنُّقْلَةُ حَقُّ الزَّوْجِ، فَإِذَا لَمْ يُطَالِبْهَا بِالنُّقْلَةِ فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهَا وَهُوَ لَا يُبْطِلُ حَقَّهَا وَبِهِ يُفْتَى

وَقِيلَ لَا نَفَقَةَ لَهَا إذَا لَمْ تُزَفَّ إلَى زَوْجِهَا، وَلَوْ امْتَنَعَتْ عَنْ الِانْتِقَالِ بِحَقٍّ كَطَلَبِ الْمُعَجَّلِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَلَوْ امْتَنَعَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ لِكَوْنِ الْمَهْرِ مُؤَجَّلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي صَغِيرَةٍ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَصِيرَ بِحَالٍ تُطِيقُ الْجِمَاعَ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ فِي بَيْتِ الْأَبِ.

قَالَ فِي لَطَائِفِ الْإِشَارَاتِ: تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ بِتِسْعٍ، وَفِي الصَّحِيحِ تُعْتَبَرُ الْإِطَاقَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَبَتْ أَنْ تَتَحَوَّلَ مَعَهُ إلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ الْبُلْدَانِ وَقَدْ أَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُبْطِلَةٌ فِي هَذَا الْمَنْعِ فَنَشَزَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُعْطِهَا الْمَهْرَ أَوَّلًا، وَهَذَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَوْ دَخَلَ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَعِنْدَهُمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا، سَوَاءٌ أَوْفَاهَا الْمَهْرَ أَوْ لَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا لِلْمَهْرِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا فَكَانَتْ مُحِقَّةً فِي هَذَا لِمَنْعٍ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا. مِنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ بِهَا بِرِضَاهَا وَهِيَ بَالِغَةٌ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي مَنْعِ نَفْسِهَا.

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: هَذَا فِي زَمَانِهِمْ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا أَوْ فِي مَهْرِهَا أَوَّلًا لِفَسَادِ النَّاسِ، قِيلَ لَهُ: هَلْ يُخْرِجُهَا مِنْ الْبَلَدِ إلَى الْقَرْيَةِ أَوْ الْعَكْسُ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِسَفَرٍ. وَإِخْرَاجُهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ سَفَرٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إذَا أَوْفَاهَا الْمُعَجَّلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ، وَقَالَ فِي الْعُدَّةِ: لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَلَوْ أَوْفَاهَا الْمَهْرَ، كَذَا اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ.

[فَصْلٌ فِي دَعْوَى الْجِهَازِ]

(فَصْلٌ) :

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: زَوَّجَ بِنْتَهُ وَجَهَّزَهَا فَمَاتَتْ فَزَعَمَ أَبُوهَا أَنَّ الْجِهَازَ أَعَارَهُ مِنْهَا وَلَمْ يَهَبْهُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَعَلَى الْأَبِ بَيِّنَةٌ؛ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا جَهَّزَ بِنْتَهُ يَدْفَعُ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ، وَالْبَيِّنَةُ الصَّحِيحَةُ فِيهِ أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ

<<  <   >  >>