للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأُمِّهِ، وَيُشْتَرَطُ قَوْلُهُ هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَلَا بُدَّ لِشُهُودِهِ أَنْ يَنْسِبُوا الْمَيِّتَ وَوَارِثَهُ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَيَقُولُوا هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ.

وَكَذَا فِي الْأَخِ وَالْجَدِّ، فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ أَبُو أَبِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، فَلَوْ شَهِدُوا بِهِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ وَوَارِثِهِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ جَازَ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ، قَالَهُ قَاضِي خَانَ.

وَقَالَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ: ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَذْكُرَ نِسْبَةَ الْأَبِ وَالْأُمِّ إلَى الْجَدِّ لِيَصِيرَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ انْتِسَابَهُ إلَى الْجَدِّ يَصِيرُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ انْتِسَابَهُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ الْقَاضِي فَيُشْتَرَطُ الْبَيَانُ لِيَعْلَمَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ.

وَلَوْ شَهِدُوا وَلَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّعْرِيفِ وَقِيلَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ مَرَّةً فِي الْكِتَابِ بَرْهَنَ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ تُقْبَلُ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ الْجَدِّ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَخِ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْجَدِّ وَغَيْرِهِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ.

[فَصْلٌ الْأَصْلُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ]

(فَصْلٌ) :

الْأَصْلُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى النَّسَبِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، فَلَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِهِمَا كَأُبُوَّةٍ وَبُنُوَّةٍ وَوَلَاءٍ وَزَوْجِيَّةٍ فَالْمُدَّعِي خَصْمٌ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ سَوَاءً ادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا أَوْ لَمْ يَدَّعِ وَلَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِهِمَا كَأُخُوَّةٍ فَهُوَ خَصْمٌ لَوْ ادَّعَى حَقًّا مَعَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْجَامِعِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ: ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ لَا تُسْمَعُ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا مِنْ إرْثٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ حَقِّ تَرْبِيَةٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فِي اللَّقِيطِ وَمَا أَشْبَهَهُ، إلَّا فِي الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ وَوَلَاءِ الْعِتْقِ وَالْمُوَالَاةِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ فِيهِ حَقًّا؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ لِحَقِّ نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى رَجُلٍ وَقَالَ لِي عَلَى هَذَا أَحْمَدَ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ كَذَا دِرْهَمًا وَهُوَ هَذَا فَشَهِدَ شُهُودُهُ أَنَّ هَذَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَلَهُ عَلَيْهِ كَذَا يَثْبُتُ الْمَالُ لَا النَّسَبُ، إذْ الْمُدَّعِي وَشُهُودُهُ لَيْسُوا بِخَصْمٍ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ الْمَالُ لِوُجُودِ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ، كَذَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ.

ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ دِينَارًا وَأَنَّهُ مَاتَ وَأَنْتَ وَارِثُهُ وَابْنُهُ وَاسْمُ أَبِيك كَذَا وَاسْمُ جَدِّك كَذَا وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ.

[فَصْل فِي تَقْسِيمِ الدَّعَاوَى]

الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي تَقْسِيمِ الدَّعَاوَى

الدَّعَاوَى سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ: مِنْهَا مَا لَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَلَا يُلْزِمُ الْمُدَّعِي بِسَبَبِ مَا ادَّعَاهُ شَيْئًا.

وَمِنْهَا مَا لَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَيُؤَدِّبُ الْمُدَّعِيَ بِسَبَبِ مَا ادَّعَاهُ وَمِنْهَا مَا يَسْمَعُ الْحَاكِمُ الدَّعْوَى بِهِ وَيُمَكِّنُ الْمُدَّعِيَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ مَا ادَّعَاهُ، وَلَا يُلْزِمُ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ.

وَمِنْهَا مَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَلَا يُلْزِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابَ عَنْهَا إلَّا بِشَرْطٍ وَمِنْهَا مَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَيُمَكِّنُ الْمُدَّعِيَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا ادَّعَاهُ وَلَا يَحْكُمُ لَهُ بِمُوجَبِ مَا شُهِدَ لَهُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ.

وَمِنْهَا مَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَيُمَكِّنُ الْمُدَّعِيَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَاهُ وَيُلْزِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَمِنْهَا مَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَلَا يُمَكِّنُ الْمُدَّعِيَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ مَا ادَّعَاهُ وَيَغْرَمُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ.

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الدَّعْوَى الْفَاسِدَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا.

النَّوْعُ الثَّانِي: الدَّعَاوَى عَلَى أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي أَحْكَامِ السِّيَاسَةِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: الدَّعْوَى عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ قَرِيبًا.

النَّوْعُ الرَّابِعُ: دَعْوَى الرَّجُلِ الدَّارَ أَوْ الْعَقَارَ عَلَى مَنْ هُوَ حَائِزٌ لِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْجَوَابُ إلَّا بِشُرُوطٍ يَأْتِي ذِكْرُهَا.

النَّوْعُ الْخَامِسُ: مَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا

<<  <   >  >>