للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الدَّعْوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ لَا فِي شَهَادَةِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْقَضَاءِ فِي تَحْدِيدِ الْعَقَارِ وَدَعْوَاهُ]

فِي الْقَضَاءِ فِي تَحْدِيدِ الْعَقَارِ وَدَعْوَاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

يُكْتَبُ فِي الْحَدِّ " يَنْتَهِي إلَى كَذَا أَوْ يُلَاصِقُ كَذَا "، وَلَا يُكْتَبُ " وَأَحَدُ حُدُودِهِ كَذَا "، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ كَتَبَ أَحَدَ حُدُودِهِ دَخَلَهُ أَوْ الطَّرِيقَ أَوْ الْمَسْجِدَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَا تَدْخُلُ الْحُدُودُ فِي الْبَيْعِ إذْ قَصْدُ النَّاسِ إظْهَارُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، لَكِنَّ أَبُو يُوسُفَ قَالَ: الْبَيْعُ فَاسِدٌ إذْ الْحُدُودُ فِيهِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، فَاخْتَرْنَا " يَنْتَهِي " أَوْ " لَزِيقُ " أَوْ " يُلَاصِقُ " تَحَرُّزًا عَنْ الْخِلَافِ؛ وَلِأَنَّ الدَّارَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْبَيْعِ، هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُنْتَهَى إلَيْهِ، فَأَمَّا ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الْمُنْتَهَى إلَيْهِ فَقَدْ جُعِلَ حَدًّا وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْبَيْعِ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْبَيْعِ، فَالْمُنْتَهِي إلَى الدَّارِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِنَا: حُدُودُهُ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وِفَاقًا مِنْ شُرُوطِ الْحَاكِمِ

(مَسْأَلَةٌ) :

بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ يَقُولُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ لَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ فَلَا يُفِيدُهُ اسْتِحْقَاقُ الدَّارِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الدَّارَ بِطَرِيقِهِ وَمَسِيلِ مَائِهِ لَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ وَالْمِيزَابُ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ يَصِيرُ مُدَّعِيًا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ تَمْلِيكَهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَمْ يَجُزْ، إذْ طَرِيقُ الْعَامَّةِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ قَالَهُ فِي الْأَقْضِيَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَا يَكْتَفِي بِذِكْرِ الْحَدَّيْنِ وَيَكْتَفِي بِثَلَاثَةٍ فَيَجْعَلُ الرَّابِعَ بِإِزَاءِ الثَّالِثِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى مَبْدَأِ الْحَدِّ الْأَوَّلِ، وَالشَّهَادَةُ كَالدَّعْوَى فِيمَا مَرَّ مِنْ الْأَحْكَامِ. قَالَهُ فِي الْمُحِيطِ.

(فَرْعٌ) :

لَوْ كَانَ الْحَدُّ الرَّابِعُ مِلْكَ رَجُلَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْضٌ عَلَى حِدَةٍ فَذَكَرَ فِي الْحَدِّ الرَّابِعِ لَزِيقَ مِلْكِ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْآخَرَ يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الرَّابِعُ لَزِيقَ أَرْضٍ وَمَسْجِدٍ فَذَكَرَ الْأَرْضَ لَا الْمَسْجِدَ يَجُوزُ.

وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْفَصْلَانِ، إذْ جَعَلَ الْحَدَّ الرَّابِعَ كُلَّهُ لَزِيقَ مِلْكِ فُلَانٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّهُ مِلْكَ فُلَانٍ فَدَعْوَاهُ لَمْ تَتَنَاوَلْ هَذِهِ الْحُدُودَ فَلَا يَصِحُّ، كَمَا لَوْ غَلِطَ فِي أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ، بِخِلَافِ سُكُوتِهِ عَنْ الرَّابِعِ. قَالَهُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

شَهِدَا بِحُدُودٍ ثَلَاثَةٍ وَقَالَا لَا نَعْرِفُ الرَّابِعَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا، كَمَا لَوْ غَلِطَ فِي الرَّابِعِ، أَحَدِ حُدُودِهَا، أَوْ كُلُّهَا مُتَّصِلٌ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي، هَلْ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْفَاصِلِ؟ قِيلَ لَا يَحْتَاجُ، وَلَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِمِلْكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَقِيلَ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى أَرْضًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ بَيْتًا أَوْ مَنْزِلًا أَوْ دَارًا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْفَاصِلِ، وَالْجِدَارُ فَاصِلٌ.

وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الْحَدَّ الرَّابِعَ مُتَّصِلٌ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي يُفْصَلُ وَلَمْ يُذْكَرْ الْفَاصِلُ فِي الْأَرَاضِي أَيْضًا، وَلَوْ ذُكِرَ الْفَاصِلُ وَحُكِمَ بِالْمُدَّعَى، هَلْ يَدْخُلُ الْفَاصِلُ فِي الْحُكْمِ؟ فَفِي فَوَائِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بُرْهَانِ الدِّينِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ، وَكَذَا وَقَعَتْ فِي الْفَتَاوَى: كَتَبَ فِي صَكِّ الشِّرَاءِ: أَحَدُ حُدُودِهِ دَارُ الْبَائِعِ وَالْفَاصِلُ جِدَارٌ رَهْصٌ، فَالْجِدَارُ الْفَاصِلُ لِمَنْ يَكُونُ فِي فَوَائِدِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى أَرْضًا وَذَكَرُوا أَنَّ الْفَاصِلَ شَجَرَةٌ لَا يَكْفِي، إذْ الشَّجَرَةُ لَا تُحِيطُ بِكُلِّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَالْفَاصِلُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِكُلِّ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى يَصِيرَ مَعْلُومًا.

(فَرْعٌ) :

قَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَوْ جُعِلَ الْحَدُّ طَرِيقَ الْعَامَّةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنَّهُ طَرِيقُ الْقَرْيَةِ أَوْ الْبَلْدَةِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْحَدِّ لِإِعْلَامِ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْمَحْدُودُ، وَقَدْ حَصَلَ الْعِلْمُ حَيْثُ انْتَهَى إلَى الطَّرِيقِ، وَفِيهِ الطَّرِيقُ يَصْلُحُ حَدًّا، وَلَا

<<  <   >  >>