للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنْ وَقَفَ فِي الْمَحَجَّةِ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ كَانَ سَائِرًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا بَيَّنَّا.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ كَلْبٌ عَقُورٌ فَعَقَرَ إنْسَانًا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْكَلْبِ هَدَرٌ لِحَدِيثِ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَلَوْ أَغْرَى كَلْبًا حَتَّى عَضَّ رَجُلًا لَا يَضْمَنُ، كَمَا لَوْ أَرْسَلَ بَازِيًا.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ، سَوَاءٌ كَانَ قَائِدًا أَوْ سَائِقًا أَوْ لَا يَقُودُهُ وَلَا يَسُوقُهُ كَمَا إذَا أَرْسَلَ الْبَهِيمَةَ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا لَهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَا، وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ.

وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي حَازِمٍ.

وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَفِي الزِّيَادَاتِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هُوَ سَائِقًا لَهُ وَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِ الْمُعَلَّمِ يُشْتَرَطُ السَّوْقُ، اُنْظُرْ الْخُلَاصَةَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا قَادَ الرَّجُلُ قِطَارًا فَمَا أَوَطْأَهُ - أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ - فَهُوَ ضَامِنٌ.

وَكَذَلِكَ إذَا صَدَمَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ إلَى تَلَفِهِ بِتَقْرِيبِ الدَّابَّةِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي التَّسَبُّبِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْإِمْلَاءِ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُودُ قِطَارًا، وَآخَرُ مِنْ خَلْفِ الْقِطَارِ يَسُوقُهُ، وَعَلَى الْإِبِلِ قَوْمٌ فِي الْمَحَامِلِ نِيَامٌ أَوْ غَيْرُ نِيَامٍ فَوَطِئَ بَعِيرٌ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ وَالرَّاكِبِينَ عَلَى ذَلِكَ وَالْبَعِيرِ وَالرَّاكِبِينَ الَّذِينَ قُدَّامَ الْبَعِيرِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ عَدَدُ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهُمْ مُشْتَرِكُونَ فِي التَّسَبُّبِ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَى رَاكِبِ الْبَعِيرِ الَّذِي وَطِئَ خَاصَّةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَادَ إنْسَانٌ أَعْمَى فَوَطِئَ الْأَعْمَى إنْسَانًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْقَائِدِ شَيْءٌ مِنْ الْإِيضَاحِ وَمِنْ شَرْحِ التَّجْرِيدِ وَمِنْ الْخُلَاصَةِ.

[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ مَا أفسدت الْمَوَاشِي]

(فَصْلٌ) :

قَالَ يُوسُفُ التَّرْجُمَانِيُّ: الصَّغِيرُ رَاعٍ سَاقَ الْغَنَمَ مِنْ الرَّاعِي الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ لِيُبَيِّتَهَا فِي ضَيْعَتِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَفَعَلَ وَبَيَّتَهَا فِيهِ وَنَامَ وَنَفَشَتْ الْغَنَمُ فِي زَرْعِ جَارِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ جَرْحَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: رَبَطَ كَبْشًا عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْقُلْهُ حَتَّى نَطَحَ صَبِيًّا وَكَسَرَ ثَنِيَّتَهُ يَضْمَنُ.

(فَرْعٌ) :

رَجُلٌ أَدْخَلَ غَنَمًا أَوْ ثَوْرًا أَوْ حِمَارًا كَرْمًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ أَرْضًا فَأَفْسَدَهَا، وَصَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا - فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسُوقُهَا لَا يَضْمَنُ.

وَقِيلَ: يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَسُقْهَا عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْبَعِيرِ الْمُغْتَلِمِ.

وَفِي غَصْبِ الْفَتَاوَى: إذَا وَجَدَ بَقَرَةً فِي زَرْعِهِ فَأَخْبَرَ صَاحِبَهَا لِيُخْرِجَهَا فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُهَا فَأَفْسَدَتْ الدَّابَّةُ الزَّرْعَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ إنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ دَابَّتَهُ فِي الزَّرْعِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِخْرَاجِ يَضْمَنُ، وَإِنْ أَمَرَهُ حِينَ أَخْبَرَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَخْرَجَهَا مِنْ الزَّرْعِ فَجَاءَ ذِئْبٌ فَأَكَلَهَا.

فِي غَصْبِ الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَفِي غَصْبِ الْفَتَاوَى: الْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ إنْ أَخْرَجَهَا وَسَاقَهَا ضَمِنَ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَسُقْهَا لَا يَضْمَنُ.

<<  <   >  >>