للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا شَرَطَ عَلَى الرَّاعِي إنْ مَاتَتْ يَأْتِي بِسِمَتِهَا وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ لَيْسَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالسِّمَةِ وَلَا يَضْمَنُ بِهَذَا الشَّرْطِ.

[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ الْقَصَّارِ]

(فَصْلٌ) :

وَفِي الْأَصْلِ: إذَا هَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْقَصَّارِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ لَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَمَلَ.

وَفِي التَّجْرِيدِ مِثْلُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْخَيَّاطِ إذَا خَاطَ بِأَجْرِ نَفَقَتِهِ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يُقْبِضَ رَبَّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَقَطَ الْبَدَلُ كَمَا فِي الْبَيْعِ انْتَهَى.

قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَا يَضْمَنُ الثَّوْبَ إنْ هَلَكَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ صِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ.

وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَخَذُوا بِقَوْلِهِمَا احْتِشَامًا لِقَوْلِ عُمَرَ.

وَبَعْضُهُمْ أَفْتَوْا بِالصُّلْحِ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ مِنْهُمْ الْأُوزْجَنْدِيّ، وَأَئِمَّةُ فَرْغَانَةَ عَلَى هَذَا، وَعِزُّ الدِّينِ الْكِنْدِيُّ كَانَ يُفْتِي بِجَوَازِ الصُّلْحِ وَظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: مَنْ قَالَ بِالصُّلْحِ لَوْ امْتَنَعَ الْخَصْمُ هَلْ يُجْبَرُ؟ قَالَ: لَا، وَكُنْتُ أُفْتِي بِالصُّلْحِ فَرَجَعْتُ لِهَذَا.

ثُمَّ عِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ الْمَالِكُ ضَمِنَهُ مَقْصُورًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مَقْصُورٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ، فَإِنْ هَلَكَ بِدَقِّ الْقَصَّارِ وَعَصْرِهِ يَضْمَنُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، بِخِلَافِ الْبَزَّاغِ وَالْفَصَّادِ وَالْحَجَّامِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى الْقَصَّارِ وَقَالَ لَهُ: اُقْصُرْهُ وَلَا تَضَعْ غَيْرَ يَدِكَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَصِّرَهُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَلَمْ يَفْعَلْ وَطَالَبَ صَاحِبُ الثَّوْبِ مَرَّاتٍ حَتَّى سُرِقَ لَا يَضْمَنُ.

وَفِي الْمُحِيطِ: سُئِلَ الْأُوزْجَنْدِيّ عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى الْقَصَّارِ لِيُقَصِّرَهُ الْيَوْمَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَلَكَ. قَالَ: يَضْمَنُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ جَفَّفَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ عَلَى حَبْلٍ فَمَرَّتْ بِهِ حُمُولَةٌ فَمَزَّقَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْحُمُولَةِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ يَحْصُلُ بِسَوْقِهِ وَأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ

، وَإِذَا وَطِئَ تِلْمِيذُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ الْقِصَارَةِ فَحَرَقَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي الْوَطْءِ

وَلَوْ وَقَعَ مِنْ يَدِهِ سِرَاجٌ فَأَحْرَقَ ثَوْبًا مِنْ الْقِصَارَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ دُونَهُ، وَكَذَا لَوْ دَقَّ التِّلْمِيذُ ثَوْبًا فَانْقَلَبَتْ الْمِدَقَّةُ مِنْ يَدِهِ فَخَرَقَتْ الثَّوْبَ مِنْ الْقِصَارَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ. اُنْظُرْ التَّجْرِيدِ.

[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ الْحَجَّامِ وَالْبَزَّاغُ]

(فَصْلٌ) :

إذَا حَجَمَ الْحَجَّامُ أَوْ بَزَغَ الْبَيْطَارُ أَوْ خَتَنَ الْخَتَّانُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْقَصَّارِ، لَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ مَوْضِعِ الْفِعْلِ، فَإِنْ جَاوَزَ مَوْضِعَ الْفِعْلِ فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ بَدَلِ النَّفْسِ، فَإِنْ بَرِئَ فَكَمَالُ بَدَلِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجُرْحَيْنِ وَهُوَ مَأْذُونٌ فِي أَحَدِهِمَا.

وَفِي دِيَاتِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ.

وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ: تَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

الْكَحَّالُ إذَا صَبَّ الدَّوَاءَ فِي عَيْنِ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخَتَّانِ إلَّا إذَا غَلِطَ، فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ: إنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا مِنْ خُرْقِ فِعْلِهِ، وَقَالَ رَجُلَانِ: هُوَ أَهْلٌ لَا يَضْمَنُ، فَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْكَحَّالِ وَاحِدٌ وَفِي الْجَانِبِ الْآخَرِ اثْنَانِ ضَمِنَ.

<<  <   >  >>