للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَشَقَّةٍ لِلْكَاتِبِ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا أَجْرُ مِثْلِهِ بِقَدْرِ مَشَقَّتِهِ وَبِقَدْرِ عَمَلِهِ فِي صَنْعَتِهِ أَيْضًا كَحَكَّاكٍ وَثَقَّابٍ مُسْتَأْجَرٍ بِأَجْرٍ كَثِيرٍ فِي مَشَقَّةٍ قَلِيلَةٍ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا أُجْرَةُ السِّجِلِّ عَلَى مَنْ تَجِبُ؟ قِيلَ عَلَى الْمُدَّعِي؛ إذْ بِهِ إحْيَاءُ حَقِّهِ فَنَفْعُهُ لَهُ وَقِيلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ إذْ هُوَ يَأْخُذُ السِّجِلَّ وَقِيلَ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَ الْكَاتِبَ.

وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَحَدٌ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي فَعَلَى مَنْ يَأْخُذُ السِّجِلَّ، وَعَلَى هَذَا أُجْرَةُ الصَّكَّاكِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ الصَّكَّ فِي عُرْفِنَا.

وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْطَى الْمُقَرُّ لَهُ أُجْرَةَ الصَّكَّاكِ يَكُونُ الْكَاغَدُ مِلْكَهُ فَيَمْلِكُ حَبْسَهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ حَيْثُ قَالَ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أُخِذَ خَطُّ إقْرَارِهِ فَلَوْ كَانَ بِالْمَالِ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَالَ، وَكَذَا الْخَطُّ لَوْ كَانَ مِلْكَ الْمُدَّعِي وَلَوْ كَانَ مُنْكِرًا يُبَرْهِنُ عَلَى أَنَّ خَطَّهُ فِي يَدِهِ وَيَأْخُذُهُ جَبْرًا وَيَدَّعِي عَلَيْهِ الْمَالَ بِحُكْمِ الْخَطِّ.

وَلَوْ كَانَ لَا بَيِّنَةَ عَلَى الْخَطِّ يُحَلِّفُهُ أَنَّ خَطَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ، فَلَوْ نَكَلَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ ثُمَّ يَدَّعِي الْمَالَ مِنْ الْخَطِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا قَضَى دَيْنَهُ فَالْمُقَرُّ لَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ صَكِّ الْإِقْرَارِ إلَيْهِ وَالْجَبْرُ عَلَى الْمُسْتَكْتَبِ فِي عُرْفِنَا قَالَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.

[فَصْلٌ فِي النُّعُوتِ]

(فَصْلٌ) :

وَإِذَا احْتَاجَ الْكَاتِبُ إلَى ذِكْرِ نُعُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ مِنْ صِفَاتِهِ أَشْهُرَهَا كَالصَّمَمِ وَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْبَيَاضِ: أَعْنِي الْبَرَصَ وَآثَارَ الْجُدَرِيِّ وَالنَّمَشَ فَيَقُولُ: فِي وَجْهِهِ آثَارُ جُدَرِيٍّ أَوْ نَمَشٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَالٌ ذَكَرْتَهُ وَذَكَرْتَ مَوْضِعَهُ، وَيَذْكُرُ قَطْعَ الْأَنَامِلِ أَوْ عُضْوٍ مِمَّا هُوَ مَشْهُورٌ ظَاهِرٌ فِي الْوَجْهِ وَالْجَسَدِ، وَيَذْكُرُ مَعَ ذَلِكَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَصِنَاعَتَهُ وَقَبِيلَتَهُ وَيُحَلِّيهِ تَحْلِيَةً جَيِّدَةً لَا تُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ، فَإِذَا كَانَ الْمَنْعُوتُ غَلِيظَ الشَّفَتَيْنِ فَهُوَ أَفَوْهٌ وَالْمَرْأَةُ فَوْهَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْفَمُ غَائِرًا فَهُوَ أَفْقَمُ وَالْمَرْأَةُ فَقْمَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْأَنْفُ طَوِيلًا مَعَ نُتُوءٍ فِي وَسَطِهِ فَهُوَ أَقْنَى وَالْمَرْأَةُ قَنْوَاءُ، وَإِنْ كَانَ طَرَفُهُ عَرِيضًا فَهُوَ أَفْطَسُ وَالْمَرْأَةُ فَطْسَاءُ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا مُنْتَصِبًا مُعْتَدِلًا فَهُوَ أَشَمُّ وَالْمَرْأَةُ شَمَّاءُ، وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا بَيْنَ الشَّمَمِ وَالْفَطْسِ فَهُوَ أَخْنَسُ وَالْمَرْأَةُ خَنْسَاءُ، وَيُقَالُ فِي قَصِيرَةِ الْأَنْفِ خَلْفَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْخَدُّ مُسْتَطِيلًا فَهُوَ أَسِيلُ الْخَدِّ وَالْمَرْأَةُ أَسِيلَةُ الْخَدِّ.

وَإِنْ كَانَ الْعُنُقُ طَوِيلًا فَهُوَ أَغْيَدُ وَالْمَرْأَةُ غَيْدَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْعُنُقُ قَصِيرًا فَهُوَ أَوْقَصُ وَالْمَرْأَةُ وَقْصَاءُ.

وَإِنْ كَانَ فِي الْعَيْنَيْنِ غَوْرٌ فَهُوَ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ غَائِرَةُ الْعَيْنَيْنِ، وَإِذَا بَرَزَتَا فَهُوَ جَاحِظُ الْعَيْنَيْنِ وَهِيَ جَاحِظَةُ الْعَيْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْكُحْلُ أَسْوَدَ قُلْتَ كَحْلَاءُ وَالرَّجُلُ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَشْفَارُ الْعَيْنِ كَأَنَّهَا مُنْضَمَّةٌ فَهِيَ دَعْجَاءُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُقْلَةِ إشَارَةٌ إلَى الِانْتِقَالِ فَهِيَ حَوْرَاءُ، وَإِنْ دَخَلَ بَعْضُ الْمُقْلَةِ فِي الْمَاقِّ مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ فَالْعَيْنُ حَوْلَاءُ، وَإِنْ كَانَ بَيَاضُ الْعَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ السَّوَادِ فَهِيَ بَرْجَاءُ وَتُسَمَّى حَوْرَاءَ أَيْضًا.

وَالنَّجْلَاءُ: الْعَيْنُ الْوَاسِعَةُ، وَالدَّعْجَاءُ: الَّتِي سَوَادُ عَيْنِهَا أَكْثَرُ مِنْ بَيَاضِهَا، وَالْوَطْفَاءُ: الْمُغْمَضَةُ الْعَيْنَيْنِ.

وَالسَّحَرَةُ الْمُخَمَّرَةُ: سَوَادُ الْحَدَقَتَيْنِ، وَالشَّوْسَاءُ: الضَّيِّقَةُ الْعَيْنِ، وَالْأَقْلَحُ وَالْقَلْحَاءُ: مَنْ كَانَ فِي أَسْنَانِهِ صُفْرَةٌ، وَتَقُولُ وَاسِعُ الْجَبْهَةِ أَوْ أَصْلَبُ الْجَبْهَةِ إذَا كَانَتْ مُنْبَسِطَةً بِهَا غُضُونٌ، وَتَقُولُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ أَغَمُّ إذَا نَبَتَ عَلَى الْجَبْهَةِ، وَأَنْزَعُ إذَا كَانَ لَهُ نَزْعَتَانِ فِي جَانِبَيْ رَأْسِهِ مِنْ مُقَدَّمِهِ، وَأَصْلَعُ إذَا انْحَسَرَ شَعْرُ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَأَقْرَعُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ وَالْمَرْأَةُ قَرْعَاءُ، وَتَقُولُ فِي الْحَاجِبَيْنِ مَقْرُونٌ إذَا الْتَقَيَا، وَأَبْلَجُ إذَا انْفَصَلَا، وَتَقُولُ فِي الْأَسْنَانِ أَفْصَمُ لِلْمَكْسُورِ نِصْفُهَا عَرْضًا، وَأَثْرَمُ إذَا سَقَطَ السِّنُّ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ فُرْجَةٌ قُلْتَ مُفَلَّجُ الْأَسْنَانِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِقَّةٌ وَتَحَدُّدٌ قُلْتَ أَشْنَبُ الْأَسْنَانِ وَالْأُنْثَى شَنْبَاءُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ ذُو الرُّمَّةِ بِقَوْلِهِ:

وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبٌ

<<  <   >  >>