الْمُخْبِرُ عَدْلًا، وَلَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ أَخْبَرَهَا جَمَاعَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا حَيٌّ إنْ صَدَّقَتْ الْأَوَّلَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ. هَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ وَفِي الْمُنْتَقَى: لَمْ يَشْتَرِطْ تَصْدِيقَ الْمَرْأَةِ لَكِنْ شَرَطَ الْعَدَالَةَ فِي الْمُخْبِرِ. .
(فَرْعٌ) :
لَوْ أَخْبَرَهَا وَاحِدٌ بِمَوْتِ الْغَائِبِ وَأَخْبَرَهَا اثْنَانِ بِحَيَاتِهِ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِمَوْتِهِ شَهِدَ أَنَّهُ عَايَنَ مَوْتَهُ أَوْ شَهِدَ جِنَازَتَهُ وَكَانَ عَدْلًا وَسِعَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
هَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا، أَمَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ شَاهِدَيْ الْحَيَاةِ بَعْدَ تَارِيخِ شَاهِدِ الْمَوْتِ فَشَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْحَيَاةِ أَوْلَى اُنْظُرْ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ.
(مَسْأَلَةُ النِّكَاحِ) :
إذَا رَأَى الْعُرْسَ أَوْ الزِّفَافَ أَوَأَخْبَرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِأَنَّ هَذِهِ امْرَأَةُ فُلَانٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ عَلَى الْبَتَاتِ، وَلَوْ قَيَّدَهَا لَا تُقْبَلُ.
(مَسْأَلَةُ النَّسَبِ) :
لَوْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَخُوهُ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَدْلَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ.
(مَسْأَلَةُ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ) :
إذَا سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ هَذَا قَاضِي بَلَدِ كَذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَقَعُ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ أَلَا يَرَى أَنَّا نَشْهَدُ بِخِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْقُضَاةِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَشُرَيْحٍ وَغَيْرِهِ.
وَأَنْسَابِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَإِنْ لَمْ نَشْهَدْ عَقْدَ وِلَايَتِهِمْ وَلَا نَسَبَ أَنْسَابِهِمْ، فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ تَثْبُتُ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ بِالْإِجْمَاعِ.
(فَرْعٌ) :
وَكَذَا الْوَلَاءُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْوَلَاءِ مَا لَمْ يُعَايِنْ
(فَرْعُ الْوَقْفِ) :
إذَا اُشْتُهِرَ أَنَّهُ وَقَّفَ فُلَانٌ عَلَى كَذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فِي قَوْلٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ.
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ قُرْبَةٌ، وَالْإِخْفَاءُ بِالْقُرَبِ أَكْثَرُ مِنْ الْإِعْلَانِ بِهَا فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْلَاكِ.
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ انْقِضَاءِ قُرُونٍ، وَأَنَّهُ يُشْتَهَرُ لَكِنْ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَفِي الْمَهْرِ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ لِلْأَمْرِ الظَّاهِرِ بِالسَّمَاعِ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى شَهَادَةِ مَنْ حَضَرَهُ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ: يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِالْمَهْرِ إذَا أَخْبَرُوهُمْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ عَلَى كَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَهْرِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الدُّخُولِ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ يَجُوزُ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَشْتَهِرُ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مَشْهُورَةٌ مِنْ النَّسَبِ وَالْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الْإِحْصَانِ اُنْظُرْ الْمُحِيطَ وَشَرْحَ التَّجْرِيدِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَذْهَبِ.
وَأَمَّا شُرُوطُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَسَبْعَةٌ.
الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يُسْتَخْرَجَ بِهَا مَا فِي يَدِ حَائِزٍ وَإِنَّمَا شَهِدَ بِهَا لِمَنْ كَانَ الشَّيْءُ بِيَدِهِ فَتَصِحُّ حِيَازَتُهُ.
الثَّانِي: الزَّمَانُ.
الثَّالِثُ: السَّلَامَةُ مِنْ الرَّيْبِ، فَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالسَّمَاعِ وَفِي الْقَبِيلَةِ مِائَةٌ مِنْ أَسْنَانِهِمَا لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عِلْمُ ذَلِكَ فَاشِيًا.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَحْلِفَ الْمَشْهُودُ لَهُ.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ لَا يُسَمُّوا الْمَسْمُوعَ مِنْهُمْ وَإِلَّا كَانَ نَقْلَ شَهَادَةٍ فَلَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ غَيْرَ عُدُولٍ.
الشَّرْطُ السَّادِسُ: أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ فَاشِيًا مِنْ الثِّقَاتِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَمَّا كَوْنُهُ فَاشِيًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الثِّقَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ.
وَأَمَّا مَحِلُّ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَوَاطِنَ الَّتِي شُهِدَ فِيهَا بِالسَّمَاعِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مَوْطِنًا، وَقَدْ نَظَمَهَا فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ: