أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الْحَيَاةُ وَلَا يَبْقَى مِنْهُ إلَّا اضْطِرَابَ الْمَوْتِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي شَقَّ الْبَطْنَ وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ، وَاَلَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ يُعَزَّرُ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ رَجُلٌ رَجُلًا جِرَاحَةً مُثْخِنَةً لَا يُتَوَهَّمُ أَنْ يَعِيشَ مَعَهَا وَجَرَحَ آخَرَ جِرَاحَةً أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي جَرَحَ الْجِرَاحَةَ الْمُثْخِنَةَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَإِنْ كَانَتَا مَعًا فَلَا هُمَا قَاتِلَانِ. مِنْ الْخُلَاصَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَفِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ قَمَّطَ رَجُلًا وَطَرَحَهُ فَقَتَلَهُ سَبُعٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَمَّطَ صَبِيًّا: أَيْ شَدَّهُ وَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ أَوْ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ.
رَجُلٌ قَتَلَ آخَرَ وَهُوَ فِي النَّزْعِ قُتِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ، وَلَا قِصَاصَ فِي اللَّطْمَةِ وَالْوَكْزَةِ وَالْوَجْأَةِ وَالدَّفْعَةِ. الْمَسَائِلُ فِي الْمُنْتَقَى.
وَلَوْ ضَرَبَهُ بِالْمِسَلَّةِ فِيهِ الْقِصَاصُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ عَضَّهُ حَتَّى مَاتَ ذَكَرَ فِي الْأَجْنَاسِ: كُلُّ آلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا الزَّكَاةُ فِي الْبَهَائِمِ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْقِصَاصُ فِي الْآدَمِيِّ، وَمَا لَا فَلَا: يَعْنِي لَا يَجِبُ بِالْبَعْضِ.
(فَرْعٌ) :
وَفِي النَّوَازِلِ: رَجُلٌ قَالَ بِعْتُكَ دَمِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِفَلْسٍ فَقَتَلَهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ.
وَفِي التَّجْرِيدِ: لَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ تَجِبُ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْأَطْرَافِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَفِي الْمُنْتَقَى: لَوْ قَالَ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَفَعَلَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَبَطَلَ الصُّلْحُ.
وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اجْنِ عَلَيَّ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَجَرَحَهُ جُرْحًا لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ فَهَذَا قَاتِلٌ وَلَا يُسَمَّى جَانِيًا وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ جَرَحَهُ بِالْحَجَرِ جُرْحًا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ لَا يُسَمَّى قَاتِلًا، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي.
وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ صَارَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى صُورَتُهَا: رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: ارْمِ إلَيَّ أَقْبِضْهُ وَأَكْسِرْهُ، فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا.
(مَسْأَلَةٌ) :
لَوْ قَالَ لِآخَرَ: اُقْتُلْ ابْنِي وَهُوَ صَغِيرٌ فَقَتَلَهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَ يَدَهُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ.
وَفِي الْعُيُونِ: لَوْ قَالَ لِآخَرَ: اُقْتُلْ أَخِي فَقَتَلَهُ وَهُوَ وَارِثُهُ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.
وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: تَجِبُ الدِّيَةُ.
وَفِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ: جَعَلَ الْأَخَ كَالِابْنِ وَقَالَ: الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ فِي الْكُلِّ، وَالِاسْتِحْسَانُ تَجِبُ الدِّيَةُ.
وَفِي الْإِيضَاحِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي الِابْنِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَجْهَ الْقِيَاسِ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ أَبِي فَقَتَلَهُ تَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَهُ فَقَطَعَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَفَعَلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الْكُلُّ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ الضَّرْبَ بِمَا لَيْسَ بِسِلَاحٍ وَلَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ، وَلَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: وَالشَّافِعِيُّ شِبْهُ الْعَمْدَ أَنْ يَتَعَمَّدَ الضَّرْبَ بِآلَةٍ لَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهَا فِي الْغَالِبِ، فَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ مُثْقَلَةً فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّيْفِ فَيَجِبُ بِهَا الْقِصَاصُ.
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْخَطَأُ فَقَدْ يَكُونُ فِي نَفْسِ الْفِعْلِ نَحْوَ أَنْ يَقْصِدَ شَيْئًا فَيُصِيبَ غَيْرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الظَّنِّ نَحْوُ أَنْ يَظُنَّهُ صَيْدًا أَوْ حَرْبِيًّا فَيُصَادِفَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَلَيْسَ فِيهِ إثْمُ الْقَتْلِ إنَّمَا فِيهِ إثْمُ تَرْكِ التَّأَمُّلِ لِلْقَاتِلِ وَالْفَحْصِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْ الْوُقُوعِ فِيهِ.
وَالْكَفَّارَةُ شُرِعَتْ لِسَتْرِ هَذَا الْإِثْمِ، وَبِهَذَا الْإِثْمِ انْتَهَضَ الْقَتْلُ سَبَبًا لِحِرْمَانِ