للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ) :

رَجُلٌ أَوْقَدَ النَّارَ فِي طَرِيقِ الْجَادَّةِ ثُمَّ جَاءَتْ الرِّيحُ وَقَلَبَتْهَا إلَى دَارِ قَوْمٍ فَأَحْرَقَتْهَا لَا يَضْمَنُ، هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَأَحْرَقَ الْحَصَائِدَ فَاحْتَرَقَ كُدْسُ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ.

قَالَ السَّرَخْسِيُّ: يَضْمَنُ فِي يَوْمِ الرِّيحِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لِأَحَدِهِمَا فِيهَا أَنْعَامٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، وَأَذِنَ الْآخَرُ لِرَجُلٍ بِالسُّكْنَى فِيهَا فَسَكَنَ وَأَوْقَدَ فِيهَا نَارًا فَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ وَالْأَنْعَامُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَالدَّارِ فِي الْإِيقَادِ الْمُعْتَادِ.

قُلْتُ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا، لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْإِيقَادِ الْمُعْتَادِ أَوْقَعَ لِي شُبْهَةً فِيهِ.

قَالَ فِي فَوَائِدِ سَيْفِ الدِّينِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِيقَادَ الْمُعْتَادَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَمْلِكُ إسْكَانَ الْغَيْرِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إسْكَانُهُ لَمْ يَصِرْ الْمَأْمُورُ بِالسُّكْنَى مَأْمُورًا بِإِيقَادِ النَّارِ أَصْلًا فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ الْإِيقَادِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَادًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْإِيقَادِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

أَحْرَقَ كَلَأً أَوْ حَصَائِدَ فِي أَرْضِهِ فَذَهَبَتْ النَّارُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ مُطْلَقًا.

وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: رَجُلٌ أَوْقَدَ النَّارَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَتَعَدَّتْ النَّارُ إلَى كُدْسِ حِنْطَةٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ الْأَمْوَالِ فَأَحْرَقَتْهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ أَحْرَقَتْ شَيْئًا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَوْقَدَ ضَمِنَ، كَذَا ذَكَرَهُ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ فِي فَتَاوَاهُ.

(فَرْعٌ) :

لَوْ مَرَّ بِنَارٍ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ مِنْ نَارٍ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ حَمْلِ النَّارِ وَالْوُقُوعِ عَلَى الثَّوْبِ وَاسِطَةٌ لِيَكُونَ مُضَافًا إلَيْهِ، حَتَّى لَوْ طَارَتْ الرِّيحُ بِشَرَرٍ مِنْ النَّارِ فَأَلْقَاهُ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ مَرَّ بِالنَّارِ فِي مَوْضِعٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ أَوْ لَهَبُهَا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَالْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ وَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ يَضْمَنُ، وَإِنْ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ لَا يَضْمَنُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

حَمَلَ قُطْنًا إلَى النَّدَّافِ فَلَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ فِي السِّكَّةِ تَحْمِلُ قَبَسًا مِنْ النَّارِ فَأَخَذَتْ النَّارُ الْقُطْنَ فَأَحْرَقَتْهُ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ حَرَكَةِ الرِّيحِ، وَإِلَّا نُظِرَ إنْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي مَشَتْ إلَى الْقُطْنِ ضَمِنَتْ، وَإِنْ مَشَى صَاحِبُ الْقُطْنِ إلَى النَّارِ لَمْ تَضْمَنْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

رَجُلَانِ كَانَا يَدْبُغَانِ جُلُودًا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ، فَأَذَابَ أَحَدُهُمَا شَحْمًا فِي مِرْجَلِ نُحَاسٍ فَصَبَّ فِيهِ مَاءً لِيَسْكُنَ فَالْتَهَبَ الشَّحْمُ فَأَصَابَ السَّقْفَ فَاحْتَرَقَ مَتَاعُ صَاحِبِهِ وَأَمْتِعَةُ جِيرَانِهِ لَمْ يَضْمَنْ.

(فَصْلٌ) :

وَمَنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ صَبِيٌّ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ وَحَقُّ الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ فَخَرَجَتْ وَتَرَكَتْ الصَّبِيَّ فَوَقَعَ فِي النَّارِ تَضْمَنُ الْأُمُّ، كَذَا قَالَهُ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ. وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَا تَضْمَنُ فِي ابْنِ سِتِّ سِنِينَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي مَجْمُوعَاتِهِ: امْرَأَةٌ تُصْرَعُ أَحْيَانَا فَتَحْتَاجُ إلَى حِفْظِهَا لِئَلَّا تَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ وَهِيَ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ فَعَلَيْهِ حِفْظُهَا وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا، حَتَّى لَوْ أَلْقَتْ نَفْسَهَا فِي نَارٍ عِنْدَ الصَّرْعِ فَعَلَى الزَّوْجِ ضَمَانُهَا.

وَكَذَا الصَّغِيرَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَهِيَ مُسَلَّمَةٌ إلَى الزَّوْجِ إنْ لَمْ يَحْفَظْهَا وَضَيَّعَهَا ضَمِنَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ: مُعَلِّمٌ بَعَثَ صَبِيَّةً لِتَجِيءَ بِنَارٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهَا فَاحْتَرَقَتْ يَضْمَنُ إنْ كَانَ صِغَرُهَا بِحَيْثُ لَا يُمَكِّنُهَا حِفْظَ النَّفْسِ، وَإِلَّا فَلَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

امْرَأَةٌ تَرَكَتْ وَلَدَهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ وَقَالَتْ لَهَا فِي مُحِبّك هجر دَارِي حَتَّى أَرْجِعَ فَذَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الثَّانِيَةُ وَتَرَكَتْهُ. فَوَقَعَ الصَّغِيرُ فِي النَّارِ فَعَلَيْهَا الدِّيَةُ لِلْأُمِّ وَسَائِرُ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحْفَظُ نَفْسَهُ.

<<  <   >  >>