وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنَ اللَّيْلِ وِتْرًا فَقَالُوا إِذَا هُوَ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمْ يَشْفَعْ وِتْرَهُ وَصَلَّى مَثْنَى مَثْنَى ثُمَّ لَمْ يُوتِرْ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ كَانَ قَدْ جَعَلَ صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ شَفْعًا لَا وِتْرًا وَتَرَكَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا كَذَا فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِآثَارِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا بن ماجه وأخرجه أيضا بن حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ
قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُ التِّرْمِذِيِّ صَحَّحَهُ
قَوْلُهُ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم إِذَا أَوْتَرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ مِنْ آخِرِهِ أَنَّهُ يُصَلِّي مَا بَدَا لَهُ وَلَا يَنْقُضُ وِتْرَهُ إِلَخْ) رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى مَثْنَى مَثْنَى حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّا يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ فَإِنْ رَزَقَنِي اللَّهُ شَيْئًا صَلَّيْتُ شَفْعًا شَفْعًا إِلَى أَنْ أُصْبِحَ
وَعَنْ عَائِشَةَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ وِتْرَهُمْ هُمُ الَّذِينَ يلعبون بصلاتهم
وروي عن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا بِنَحْوِهِ
وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ فِي الَّذِي يُوتِرُ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ قَالَ يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى وَفِي رِوَايَةٍ حَسْبُهُ وِتْرُهُ الأول
وعنه لما بلغه فعل بن عمر لم يعجبه وقال إن بن عُمَرَ يُوتِرُ فِي لَيْلَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ صَلَّيْتُ بَعْدَهَا خَمْسَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَنَامُ فَإِنْ قُمْتُ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى وَإِنْ أَصْبَحْتُ أَصْبَحْتُ عَلَى وِتْرٍ
وَسُئِلَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَإِنْ رُزِقْتُ شَيْئًا مِنْ آخِرِهِ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أُصْبِحَ
قَوْلُهُ (وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وأحمد وبن الْمُبَارَكِ وَهَذَا أَصَحُّ) وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ شَفَعَ وِتْرَهُ اتِّبَاعًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا رَأَيْتُهُ جَائِزًا انْتَهَى
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقَالُوا إِنَّ مَنْ أَوْتَرَ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْقُضُ وِتْرَهُ وَيُصَلِّي شَفْعًا شَفْعًا حَتَّى يُصْبِحَ انْتَهَى
وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي وَلَمْ أَجِدْ حَدِيثًا مَرْفُوعًا صَحِيحًا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ نَقْضِ الْوِتْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ