الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَكَذَا وَقَعَ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُرَاعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَكَانُ الْمَعْرُوفُ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ
وزَعَمَ أَنَّهُ أَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِجَابَةِ وَلَوْ بَعُدَ الْمَكَانُ لَكَانَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِجَابَةِ مَعَ حَقَارَةِ الشَّيْءِ أَوْضَحَ وَلِهَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُرَاعِ هُنَا كُرَاعُ الشَّاةِ وَأَغْرَبَ الْغَزَّالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ وَلَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ
ولَا أَصْلَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ انْتَهَى
قُلْتُ لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَلَوْ دُعِيتُ عَلَيْهِ لَأَجَبْتُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْكُرَاعِ كُرَاعُ الْغَمِيمِ
وفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاضُعِهِ وَجَبْرِهِ لِقُلُوبِ النَّاسِ وَعَلَى قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَإِجَابَةِ مَنْ يَدْعُو الرَّجُلَ إِلَى مَنْزِلِهِ
ولَوْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي يَدْعُوهُ إِلَيْهِ شَيْءٌ قَلِيلٌ
قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَسَلْمَانَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ كِسْرَى أَهْدَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً فَقَبِلَ مِنْهُ وَأَنَّ الْمُلُوكَ أَهْدَوْا إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُمْ
وفِي النَّسَائِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ قَالَ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ قَدِمُوا مَعَهُمْ بِهَدِيَّةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ الْحَدِيثَ
وَفِيهِ قَالُوا لَا بَلْ هَدِيَّةٌ فَقَبِلَهَا وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ قَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَلَ مَعَهُمْ
قَالَ الْحَافِظُ وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ شَهِيرَةٌ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ
١ - (بَاب مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ)
لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ [١٣٣٩] قَوْلُهُ (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ) أَيْ تَرْمُونَ الْمُخَاصَمَةَ إِلَيَّ (وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) أَيْ كَوَاحِدٍ مِنَ الْبَشَرِ