٨ - (بَاب فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ)
[٣٥٦٦] قَوْلُهُ (عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو الْفَزَارِيِّ) بِفَتْحِ فَاءٍ وَزَايٍ خَفِيفَةٍ فَأَلْفٍ فَرَاءٍ مَقْبُولٌ مِنَ الْخَامِسَةِ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ) بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ لَهُ رُؤْيَةٌ وَكَانَ مِنْ كِبَارِ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ
قَوْلُهُ (كَانَ يَقُولُ فِي وِتْرِهِ) وفي رواية أبي داود وبن ماجه في آخر وتره
قال القارىء أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ مِنْهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ قَالَ مَيْرَكُ وَفِي إِحْدَى رِوَايَاتِ النَّسَائِيِّ كَانَ يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَتَبَوَّأَ مَضْجَعَهُ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَفِي رِوَايَةٍ بَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ ثُمَّ بِالرِّضَاءِ إِنَّمَا ابْتَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ وَالرِّضَا وَالسُّخْطُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتُ الْأَفْعَالِ أَدْنَى رُتْبَةً مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَبَدَأَ بِالْأَدْنَى مُتَرَقِّيًا إِلَى الْأَعْلَى ثُمَّ لَمَّا ازْدَادَ يَقِينًا وَارْتِقَاءً تَرَكَ الصِّفَاتِ وَقَصَرَ نَظَرَهُ عَلَى الذَّاتِ فَقَالَ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ثُمَّ لَمَّا ازْدَادَ قُرْبًا اسْتَحْيَا مَعَهُ مِنَ الِاسْتِعَاذَةِ عَلَى بِسَاطِ الْقُرْبِ فَالْتَجَأَ إِلَى الثَّنَاءِ فَقَالَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قُصُورٌ فَقَالَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَإِنَّمَا قَدَّمَ الِاسْتِعَاذَةَ بِالرِّضَا عَلَى السُّخْطِ لِأَنَّ الْمُعَافَاةَ مِنَ الْعُقُوبَةِ تَحْصُلُ بِحُصُولِ الرِّضَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأُولَى عَلَيْهَا دَلَالَةُ تَضْمِينٍ فَأَرَادَ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلَالَةَ مُطَابَقَةٍ فَكَنَّى عَنْهَا أَوَّلًا ثُمَّ صَرَّحَ بِهَا ثَانِيًا
وَلِأَنَّ الرَّاضِيَ قَدْ يُعَاقِبُ لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّ الْغَيْرِ انْتَهَى (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ) أَيْ بِذَاتِكَ مِنْ آثَارِ صِفَاتِكَ وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى ففروا إلى الله (لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ) أَيْ لَا أُطِيقُهُ وَلَا أَبْلُغُهُ حَصْرًا وَعَدَدًا (أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ على نفسك) أي ذاتك
قال بن الْمَلَكِ مَعْنَى الْحَدِيثِ الِاسْتِغْفَارُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي بُلُوغِ الْوَاجِبِ مِنْ حَقِّ ذَاتِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ انْتَهَى
وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ وَلَوْ حَرَصْتُ وَلَكِنْ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ
قَالَ مَيْرَكُ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْكَافَ زَائِدَةٌ وَالْمَعْنَى أَنْتَ الَّذِي أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَا فِي كَمَا مَوْصُوفَةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَالْكَافُ بِمَعْنَى الْمِثْلِ أَيْ أَنْتَ الذَّاتُ الَّتِي لَهَا صِفَاتُ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَلَهَا الْعِلْمُ الشَّامِلُ وَالْقُدْرَةُ الْكَامِلَةُ أَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى إِحْصَاءِ ثَنَائِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute