فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا رَأَيْتُهُ وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ قَالَ فَأَقِمْ أَنْتَ قَالَ ثُمَّ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَانَ فِي أَوَّلِ مَا شُرِعَ الْأَذَانُ وَذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَحَدِيثُ الصُّدَائِيِّ كَانَ بَعْدَهُ بِلَا شَكٍّ وَالْأَخْذُ بِآخِرِ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى وَطَرِيقُ الْإِنْصَافِ أَنْ يُقَالَ الْأَمْرُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى التَّوَسُّعِ وَادِّعَاءُ النَّسْخِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى خلاف الأصل إذا لَا عِبْرَةَ لِمُجَرَّدِ التَّرَاخِي ثُمَّ نَقُولُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ إِنَّمَا فُوِّضَ الْأَذَانُ إِلَى بِلَالٍ لِأَنَّهُ كَانَ أَنْدَى صَوْتًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ وَمِنْ شَرْطِهِ الصَّوْتُ وَكُلَّمَا كَانَ الصَّوْتُ أَعْلَى كَانَ أَوْلَى
وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ فَكَانَ جَهْوَرِيَّ الصَّوْتِ وَمَنْ صَلَحَ لِلْأَذَانِ فَهُوَ لِلْإِقَامَةِ أَصْلَحُ وَهَذَا الْمَعْنَى يُؤَكِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَازِمِيِّ
قُلْتُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَحَدِيثُ الصُّدَائِيِّ كِلَاهُمَا ضَعِيفَانِ وَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ الصُّدَائِيِّ أَوْلَى لِمَا ذَكَرَ الْحَازِمِيُّ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الصُّدَائِيِّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ قَانُونٌ كُلِّيٌّ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَفِيهِ بَيَانُ وَاقِعَةٍ جُزْئِيَّةٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَأَقِمْ أَنْتَ تَطْيِيبَ قَلْبِهِ لِأَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلِأَنَّ لِحَدِيثِ الصُّدَائِيِّ شَاهِدًا ضعيفا من حديث بن عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الدراية
وأخرج بن شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ شَاهِدًا انْتَهَى وَقَالَ صَاحِبُ سُبُلِ السَّلَامِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لِمَنْ أذن فلا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ وَعَضَّدَ حَدِيثُ الْبَابِ يَعْنِي حديث الصدائي حديث بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَهْلًا يَا بِلَالُ فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وإن كان قد ضعفه أبو حاتم وبن حِبَّانَ انْتَهَى
٤ - (بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْأَذَانِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ)
[٢٠٠] قَوْلُهُ (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى) هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ أَبُو روح الدمشقي روى عن مكحول وبن شِهَابٍ وَعَنْهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ضعيف كذا في الخلاصة والتقريب
وقوله (لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْأَذَانُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَحْيَى الصَّدَفِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْتَ فيه انقطاع بين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute