للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَقِلُّ أَيْضًا الرَّغَبَاتُ لِقِصَرِ الْآمَالِ وَعِلْمِهِمْ بِقُرْبِ الْقِيَامَةِ

فَإِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ وَالسَّلَامُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ السَّاعَةِ

وَقَالَ الْعُلَمَاءُ الْحِكْمَةُ فِي نُزُولِ عِيسَى دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الرَّدُّ عَلَى الْيَهُودِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى كَذِبَهُمْ وَأَنَّهُ الَّذِي يَقْتُلُهُمْ أَوْ نُزُولُهُ لِدُنُوِّ أَجَلِهِ لِيُدْفَنَ فِي الْأَرْضِ إِذْ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ مِنَ التُّرَابِ أَنْ يَمُوتَ فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ إِنَّهُ دَعَا اللَّهَ لَمَّا رَأَى صِفَةَ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْهُمْ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَأَبْقَاهُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مُجَدِّدًا لِأَمْرِ الْإِسْلَامِ فَيُوَافِقَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ فَيَقْتُلَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ

٣ - (بَاب مَا جَاءَ فِي الدَّجَّالِ)

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هُوَ فَعَّالٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدُ مِنَ الدَّجَلِ وَهُوَ التغطية وسمي الكذب دجال لِأَنَّهُ يُغَطِّي الْحَقَّ بِبَاطِلِهِ وَيُقَالُ دَجَّلَ الْبَعِيرَ بِالْقَطِرَانِ إِذَا غَطَّاهُ وَالْإِنَاءَ بِالذَّهَبِ طَلَاهُ وَقَالَ بن دُرَيْدٍ وَسُمِّيَ دَجَّالًا لِأَنَّهُ يُغَطِّي الْحَقَّ بِالْكَذِبِ وَقِيلَ لِضَرْبِهِ نَوَاحِي الْأَرْضِ يُقَالُ دَجَلَ مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ

تَنْبِيهٌ اشْتُهِرَ السُّؤَالُ عَنِ الْحِكْمَةِ فِي عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِذِكْرِ الدَّجَّالِ فِي الْقُرْآنِ مَعَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ وَعَظْمِ الْفِتْنَةِ بِهِ وَتَحْذِيرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُ وَالْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدِهَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانها إِلَخْ) فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ ثَلَاثَةٌ إِذَا خَرَجْنَ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ الدَّجَّالُ وَالدَّابَّةُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

الثَّانِي قَدْ وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ فِي الْقُرْآنِ إِلَى نُزُولِ عيسى بن مَرْيَمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته وفي قوله تعالى وإنه لعلم للساعة وَصَحَّ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَنِ الْآخَرِ وَلِكَوْنِهِ يُلَقَّبُ الْمَسِيحَ كَعِيسَى لَكِنَّ الدَّجَّالَ مَسِيحُ الضَّلَالَةِ وَعِيسَى مَسِيحُ الْهُدَى

الثَّالِثُ أَنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَهُ احْتِقَارًا وَتُعُقِّبَ بِذِكْرِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَلَيْسَتِ الْفِتْنَةُ بِهِمْ بِدُونِ الْفِتْنَةِ بِالدَّجَّالِ وَالَّذِي قَبْلَهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ السُّؤَالَ بَاقٍ وَهُوَ مَا الْحِكْمَةُ فِي تَرْكِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ اعْتَبَرَ كُلَّ مَنْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَوُجِدَ كُلُّ مَنْ ذُكِرَ إِنَّمَا هُمْ مِمَّنْ مضى وانقضى أمره وأما من لم يجيء بَعْدُ فَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُمْ أَحَدًا انْتَهَى

وَهَذَا مَا يَنْتَقِضُ بِيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَقَدْ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْبَغَوِيِّ أَنَّ الدَّجَّالَ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ من خلق الْحِكْمَةُ فِي تَرْكِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>