الْقَوْلُ التَّاسِعُ أَنَّهُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الدُّخُولُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَا فِي غَيْرِهِمَا مِنَ النَّوَافِلِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ عَصَى وهو قول أهل الظاهر ونقله بن حَزْمٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَعَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ
وَحَكَى الْكَرَاهَةَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ صَلَاةُ تَطَوُّعٍ فِي وَقْتِ إِقَامَةِ الْفَرِيضَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ الْإِقَامَةَ الَّتِي يَقُولُهَا الْمُؤَذِّنُ عِنْدَ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْمُتَعَارَفُ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الْأَذْهَانِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِعْلَهَا كَمَا هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي فِعْلِ النَّافِلَةِ عِنْدَ إِقَامَةِ الْمُؤَذِّنِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ فَهَلِ الْمُرَادُ بِهِ الْفَرَاغُ مِنَ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَشْرَعُ فِي فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ شُرُوعُ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ كُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ شُرُوعُهُ فِي الْإِقَامَةِ ليتهيأ المأمون لِإِدْرَاكِ التَّحْرِيمِ مَعَ الْإِمَامِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِينَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ
انْتَهَى مَا فِي النَّيْلِ
قُلْتُ الْمُرَادُ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ الْإِقَامَةُ الَّتِي يَقُولُهَا الْمُؤَذِّنُ عِنْدَ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِرِوَايَةِ بن حِبَّانَ بِلَفْظِ إِذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَالرِّوَايَاتُ بَعْضُهَا يُفَسِّرُ بَعْضًا ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ شُرُوعُ الْمُؤَذِّنِ فِيهَا لَا الْفَرَاغُ مِنْهَا يَدُلُّ على ذلك رواية بن حبان هذه وحديث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي وَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ فَجَذَبَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ الْمَذْكُورُ آنِفًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ
وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ الْقَوْلُ التَّاسِعُ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ أَحَادِيثُ الْبَابِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
٩٨ - (بَاب مَا جَاءَ فِي من تقوته الركعتان قبل الفجر يصليهما)
بعد صلاة الصبح [٤٢٢] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو السَّوَّاقُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْبَلْخِيُّ صَدُوقٌ رَوَى عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَهُشَيْمٍ وَوَكِيعٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُمْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ٢٣٦ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute