أَبُو زُرْعَةَ النَّخَعِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلٌ
وقَالَ بن الْمَدِينِيِّ لَمْ يَلْقَ النَّخَعِيُّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
وقال أَبُو حَاتِمٍ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا عَائِشَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا وَأَدْرَكَ أَنَسًا وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ
كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ
وأَمَّا قَوْلُهُمْ بِأَنَّهَا أَخْبَارُ آحَادٍ وَلَا تَجُوزُ بِهَا الزِّيَادَةُ فَفِيهِ أَنَّ أَحَادِيثَ التَّغْرِيبِ قَدْ جَاوَزَتْ حَدَّ الشُّهْرَةِ الْمُعْتَبَرَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا وَرَدَ مِنَ السُّنَّةِ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَعْذِرَةٌ عَنْهَا بِذَلِكَ وَقَدْ عَمِلُوا بِمَا هُوَ دُونَهَا بِمَرَاحِلَ كَحَدِيثِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ وَحَدِيثِ جَوَازِ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ
٢ - (بَابِ مَا جَاءَ أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا)
[١٤٣٩] قَوْلُهُ (فَقَالَ تُبَايِعُونِي) وفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بَايِعُونِي
والْمُبَايَعَةُ هُنَا عِبَارَةٌ عَنِ الْمُعَاهَدَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِالْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بأن لهم الجنة قَرَأَ عَلَيْهِمُ الْآيَةَ وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَقَرَأَ الْآيَةَ كُلَّهَا
قَالَ الْحَافِظُ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَى آخِرِهَا وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ أَيْ ثَبَتَ عَلَى الْعَهْدِ ووفى بالتخفيف وفي الراء بِالتَّشْدِيدِ وَهُمَا بِمَعْنًى (فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) أُطْلِقَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْخِيمِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ ذَكَرَ الْمُبَايَعَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِوُجُودِ الْعِوَضَيْنِ أَثْبَتَ ذِكْرَ الْأَجْرِ فِي مَوْضِعِ أَحَدِهِمَا وَأَفْصَحَ فِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ بِتَعْيِينِ الْعِوَضِ فَقَالَ بِالْجَنَّةِ
وعَبَّرَ هُنَا بِلَفْظِ عَلَى لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ كَالْوَاجِبَاتِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ لِلْأَدِلَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ (فَهُوَ) أَيْ الْعِقَابُ (كَفَّارَةٌ لَهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ عُمُومُ هَذَا الْحَدِيثِ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فَالْمُرْتَدُّ إِذَا قُتِلَ عَلَى ارْتِدَادِهِ لَا يَكُونُ الْقَتْلُ لَهُ كَفَّارَةً انْتَهَى
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمِنْهُمْ مَنْ وَقَفَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَدْرِي كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا لَكِنْ حَدِيثُ عُبَادَةَ أَصَحُّ إِسْنَادًا وَيُمْكِنُ يَعْنِي عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَدَ أَوَّلًا قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَعْلَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى
وقَدْ بَسَطَ الْحَافِظُ الْكَلَامَ هُنَا بَسْطًا حَسَنًا فَعَلَيْكَ أَنْ تُرَاجِعَ الْفَتْحَ (فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ