اسْتَحَقَّ الْمَقْتَ وَعَدَمَ قَبُولِ طَاعَتِهِ
قَالَ الْقَاضِي الْمَقْصُودُ مِنَ الصَّوْمِ كَسْرُ الشَّهْوَةِ وَتَطْوِيعُ الْأَمَّارَةِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يُبَالِ بِصَوْمِهِ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ نَظَرَ عِنَايَةٍ فَعَدَمُ الْحَاجَةِ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الِالْتِفَاتِ وَالْقَبُولِ وَكَيْفَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَرَكَ مَا يُبَاحُ مِنْ غَيْرِ زَمَانِ الصَّوْمِ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَارْتَكَبَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ انتهى
قال بن بَطَّالٍ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَنْ يَدَعَ صِيَامَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ أَيْ يَذْبَحْهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَبْحِهَا وَلَكِنَّهُ عَلَى التَّحْذِيرِ وَالتَّعْظِيمِ لِإِثْمِ بَائِعِ الْخَمْرِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةً فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لَمَّا أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ تَرْجَمَ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْغِيبَةَ لَيْسَتْ قَوْلَ الزُّورِ وَلَا العمل به لأنها أَنْ يَذْكُرَ غَيْرَهُ بِمَا يَكْرَهُ وَقَوْلُ الزُّورِ هُوَ الْكَذِبُ وَقَدْ وَافَقَ التِّرْمِذِيُّ بَقِيَّةَ أَصْحَابِ السُّنَنِ فَتُرْجَمُوا بِالْغِيبَةِ وَذَكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ ذِكْرِ قَوْلِ الزُّورِ وَالْعَمَلِ بِهِ الْأَمْرَ بِحِفْظِ النُّطْقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهِيَ الْجَهْلُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَاصِي
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْعَمَلَ بِهِ فَيَعُودُ عَلَى الزُّورِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ أَيْضًا عَلَى الْجَهْلِ أَيْ وَالْعَمَلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ مَنْ لَمْ يَدَعِ الْخَنَا وَالْكَذِبَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيَّ
٧ - (بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ السَّحُورِ)
بِالْفَتْحِ هُوَ اسْمُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَبِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ وَالْفِعْلُ نَفْسُهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute