قُلْتُ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْقِيَامِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَهُوَ قِيَامُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى جوازه
وجواب بن الْحَاجِّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ حَدِيثُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَقِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقِيَامِ عَلَى طَرِيقِ الْإِعْظَامِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَلَى الْقِيَامِ عَلَى طَرِيقِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ أَمَّا قِيَامُ الرَّجُلِ لِإِنْزَالِ الْمَرِيضِ عَنْ مَرْكُوبِهِ أَوِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ للتهنئة لمن حدثت له نعمة أو لتوسع الْمَجْلِسِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ
نَقَلَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْقِيَامَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ مَحْظُورٌ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُقَامَ إِلَيْهِ تَكَبُّرًا وَتَعَاظُمًا عَلَى الْقَائِمِينَ إِلَيْهِ وَالثَّانِي مَكْرُوهٌ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ لِمَنْ لَا يَتَكَبَّرُ وَلَا يَتَعَاظَمُ عَلَى الْقَائِمِينَ وَلَكِنْ يُخْشَى أَنْ يَدْخُلَ نَفْسَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا يَحْذَرُ وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْجَبَابِرَةِ وَالثَّالِثُ جَائِزٌ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لِمَنْ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ وَيُؤْمَنُ مَعَهُ التَّشَبُّهَ بِالْجَبَابِرَةِ وَالرَّابِعُ مَنْدُوبٌ وَهُوَ أَنْ يَقُومَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَرَحًا بِقُدُومِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ أَوْ إِلَى مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ فَيُهَنِّئَهُ بِحُصُولِهَا أَوْ مُصِيبَةٌ فَيُعَزِّيَهُ بِسَبَبِهَا انْتَهَى
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَامُ عَلَى سَبِيلِ الْإِعْظَامِ مَكْرُوهٌ وَعَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا يُكْرَهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ
٨ - (بَاب مَا جَاءَ في تقليم الأظافر)
قَوْلُهُ (خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مِنَ السُّنَّةِ يَعْنِي سُنَنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الَّتِي أُمِرْنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِمْ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ أَيْ مِنَ السُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمِ السَّلَامُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ فَكَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهِ مِنْهَا قَصُّ الشَّارِبِ
فَسُبْحَانَهُ
مَا أَسْخَفَ عُقُولَ قَوْمٍ طَوَّلُوا الشَّارِبَ وَأَحْفُوا اللِّحْيَةَ عَكْسُ مَا عَلَيْهِ فِطْرَةُ جَمِيعِ الْأُمَمِ قَدْ بَدَّلُوا فِطْرَتَهُمْ نَعُوذُ بِاَللَّهِ انْتَهَى
وَيُسَوِّغُ الِابْتِدَاءَ بِالنَّكِرَةِ أَنَّ قَوْلَهُ خَمْسٌ صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ خِصَالٌ خَمْسٌ ثُمَّ فَسَّرَهَا أَوْ عَلَى الْإِضَافَةِ أَيْ خَمْسُ خِصَالٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ الَّذِي شُرِعَ لَكُمْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ (الِاسْتِحْدَادُ) أَيْ حَلْقُ الْعَانَةِ سُمِّيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute