٢٢ - (بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَاجِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ)
[٢٥٦١] قَوْلُهُ (احْتَجَّتْ) أَيِ اخْتَصَمَتْ كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ وَلِمُسْلِمٍ تَحَاجَّتْ (يدخلني الضعفاء والمساكين) قيل معنى الضعيف ها هنا الخاضع لله تعالى بذل نَفْسِهِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ضِدَّ الْمُتَجَبِّرِ وَالْمُتَكَبِّرِ وفي رواية للبخاري مالي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ
قَالَ الْحَافِظُ أَيِ الْمُحْتَقَرُونَ بَيْنَهُمُ السَّاقِطُونَ مِنْ أَعْيُنِهِمْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنَ النَّاسِ وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ هُمْ عُظَمَاءُ رُفَعَاءُ الدَّرَجَاتِ لَكِنَّهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ لِعَظَمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ وَخُضُوعِهِمْ لَهُ فِي غَايَةِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ وَالذِّلَّةِ فِي عِبَادِهِ فَوَصْفُهُمْ بِالضَّعْفِ وَالسَّقَطِ بِهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ أَوِ الْمُرَادُ بِالْحَصْرِ فِي قَوْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ الْأَغْلَبُ (يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ) وَفِي رِوَايَةٍ للشيخين أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين
قال القارىء هُمَا بِمَعْنًى جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ وَقِيلَ لِلتَّكَبُّرِ لِلتَّعَظُّمِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَالْمُتَجَبِّرُ الْمَمْنُوعُ الَّذِي لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَكْتَرِثُ وَلَا يُبَالِي بِأَمْرِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (أَنْتِ عَذَابِي) أَيْ سَبَبُ عُقُوبَتِي وَمُنْشَأُ سُخْطِي وَغَضَبِي (أَنْتَقِمُ بِكِ مِمَّنْ شِئْتُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ أُعَذَّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ (وَقَالَ لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي) أَيْ مَظْهَرُهَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ سَمَّى الْجَنَّةَ رَحْمَتَهُ لِأَنَّ بِهَا تَظْهَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ (أَرْحَمُ بِكِ مَنْ شِئْتُ) وَإِلَّا فَرَحْمَةُ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ بِهَا مَوْصُوفًا لَيْسَتْ لِلَّهِ صِفَةٌ حَادِثَةٌ وَلَا اسْمٌ حَادِثٌ فَهُوَ قَدِيمٌ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ جل جلاله وتقدست أسماؤه
قال بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِصَامُ حَقِيقَةً بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِيهِمَا حَيَاةً وَفَهْمًا وَكَلَامًا وَاَللَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَجَازًا كَقَوْلِهِمْ امْتَلَأَ الْحَوْضُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَوْضُ لَا يَتَكَلَّمُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنِ امْتِلَائِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَنْطِقُ لَقَالَ ذَلِكَ وَكَذَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute