(وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وعبد الرحمن بن مهدي) وحجتهم أَنَّ الْقَصْرَ بِمِنًى لِلنُّسُكِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ السَّفَرِ
قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَوْ لَمْ يَجُزْ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْقَصْرُ بِمِنًى لَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتِمُّوا وَلَيْسَ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ قَصَرُوا لِلنُّسُكِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ إِعْلَامَهُمْ بِذَلِكَ بِمِنًى اسْتِغْنَاءً بِمَا تَقَدَّمَ بمكة قال الحافظ بن حَجَرٍ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ فَالْقِصَّةُ كَانَتْ فِي الْفَتْحِ وَقِصَّةُ مِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لِبُعْدِ الْعَهْدِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَكِّيَّ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِمِنًى لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُسَافِرًا بِمِنًى فَصَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ وَلَعَلَّهُ لَوْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاتِهِ لَأَمَرَهُ بِالْإِتْمَامِ وَقَدْ يَتْرُكُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانَ بَعْضِ الْمَأْمُورِ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ اقْتِصَارًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْبَيَانِ السَّابِقِ خُصُوصًا فِي مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْعِلْمِ الظَّاهِرِ الْعَامِّ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُصَلِّي بِهِمْ فَيَقْصُرُ فَإِذَا سَلَّمَ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ أَتِمُّوا يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ انْتَهَى
٠ - (بَاب مَا جاء في الوقوف بعرفات والدعاء فيها)
[٨٨٣] قوله (أتانا بن مِرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ صَحَابِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَيَجِيءُ مَا فِي اسْمِهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ (مَكَانًا) أَيْ فِي مَكَانٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ (يُبَاعِدُهُ عَمْرٌو) أَيْ يُبَاعِدُ ذَلِكَ الْمَكَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ يَعْنِي يَجْعَلُهُ بَعِيدًا بِوَصْفِهِ إِيَّاهُ بِالْبُعْدِ وَالْمُبَاعَدَةِ بِمَعْنَى التَّبْعِيدِ وَهَذَا قَوْلُ الرَّاوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ (كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ) جَمْعُ مَشْعَرٍ يُرِيدُ بِهَا مَوَاضِعَ النُّسُكِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَالِمُ الْعِبَادَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute