للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ هُوَ فِي رَدِّ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ مَا لَفْظُهُ حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ خَبَرُ آحَادٍ وَرَدَ مُخَالِفًا لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَيُرَدُّ بيانه أن بن عباس وبن الزُّبَيْرِ أَفْتَيَا فِي زَنْجِيٍّ وَقَعَ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ بِنَزْحِ الْمَاءِ كُلِّهِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ وَكَانَ الْمَاءُ مِنْ قُلَّتَيْنِ

وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصحابة رضي الله عنهما وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَخَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا وَرَدَ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ يُرَدُّ

انْتَهَى كَلَامُهُ

فَلِلْقَائِلِينَ بِعَدَمِ وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَنْ يَقُولُوا نَحْنُ لَا نَحْتَجُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ

وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا الِاحْتِجَاجَ احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ لَيْسَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ جَوَابٌ شَافٍ عَنْ هَذَا الِاحْتِجَاجِ

وَقَدْ أَنْصَفَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْلِيقَاتِهِ عَلَى جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عُمَرَ إلخ ليس هذا مرفوعا بل أثر عمرو هذا تَمَسُّكُ الْحِجَازِيِّينَ

وَأَمَّا الْجَوَابُ مِنْ جَانِبِ الْأَحْنَافِ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَمَذْهَبُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَا يُفِيدُ فَإِنَّهُ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَيُمْكِنُ لِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلُ إِنَّهُ إِجْمَاعُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ فَمَا أَجَابَ أَحَدٌ جَوَابًا شَافِيًا انْتَهَى

ثُمَّ قَالَ هَذَا الْبَعْضُ رَادًّا عَلَى الْعَيْنِيِّ مَا لَفْظُهُ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ بِحَذْفِ الْمُسْتَثْنَى الْمُتَّصِلِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ مَكْتُوبِيَّتَهَا

وَقَالَ أَيْضًا إِنَّ الْمَشِيئَةَ تَتَعَلَّقُ بِالتِّلَاوَةِ لَا بِالسَّجْدَةِ

وَقَالَ الْحَافِظُ إِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالسَّجْدَةِ

أَقُولُ تَأْوِيلُ الْعَيْنِيِّ فِيهِ أَنَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْوُجُوبُ وَالْمُسْتَثْنَى هُوَ التَّطَوُّعُ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْضًا مُتَّصِلًا وَلَيْسَ حَدُّ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ عَلَى الْأَلْسِنَةِ بَلْ تَفْصِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي قَطْرِ النَّدَى وَشَرْحِ الشَّيْخِ السَّيِّدِ مَحْمُودٍ الْأُلُوسِيِّ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْأَنْدَلُسِيَّةِ وَأَيْضًا يُخَالِفُ قَوْلَ الْعَيْنِيِّ لَفْظُ الْبَابِ فَلَمْ يَسْجُدْ وَلَمْ يَسْجُدُوا إلخ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ التِّلَاوَةُ فِي وَاقِعَةِ الْبَابِ

وَأَمَّا قَوْلُ إِنَّهُ تَأْخِيرُ السَّجْدَةِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يَجِبُ فِي الْفَوْرِ فَبَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ وَلَا نُكْتَةَ لِتَرْكِ السَّجْدَةِ الْآنَ بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ وَاقِعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَرَ جَوَابًا شَافِيًا انْتَهَى كَلَامُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْلِيقِهِ الْمُسَمَّى بِالْعَرْفِ الشَّذِيِّ

قُلْتُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا عَرَفْتَ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْعَيْنِيِّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِ السَّمَاعِ فَبَاطِلٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ

٥ - (بَاب ما جاء في سجدة)

فِي ص [٥٧٧] قَوْلُهُ (عَنْ أَيُّوبَ) هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>