الْكَثِيرِينَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْلِيدُ الْغَنَمِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ خَصَّا التَّقْلِيدَ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي دَلَالَتِهِ عليهما انتهى
وقال بن الْمُنْذِرِ أَنْكَرَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ تَقْلِيدَ الْغَنَمِ وَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ حُجَّةً إِلَّا قَوْلَ بَعْضِهِمْ إِنَّهَا تَضْعُفُ عَنِ التَّقْلِيدِ وَهُوَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّقْلِيدِ الْعَلَامَةُ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْعَرُ لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْهُ فَتُقَلَّدُ بِمَا لَا يُضْعِفُهَا وَالْحَنَفِيَّةُ فِي الْأَصْلَ يَقُولُونَ لَيْسَتِ الْغَنَمُ مِنَ الْهَدْيِ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى انْتَهَى
٨ - (بَاب مَا جَاءَ إِذَا عَطِبَ الْهَدْيُ مَا يُصْنَعُ بِهِ)
عَطِبَ كَفَرِحَ هَلَكَ وَالْمُرَادُ قَرُبَ هَلَاكُهَا حَتَّى خِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ
[٩١٠] قَوْلُهُ (عَنْ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيِّ) هو بن جندب بن كعب وقيل بن كَعْبِ بْنِ جُنْدُبٍ صَحَابِيٌّ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَكَانَ اسْمُهُ ذَكْوَانَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاجِيَةَ حِينَ نَجَا مِنْ قُرَيْشٍ وَاسْمُ أَبِيهِ جُنْدُبٌ وَقِيلَ كَعْبٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ (كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ عَطَبُ الْهَدْيِ هَلَاكُهُ وَقَدْ يُعَبِّرُ عَنْ آفَةٍ تَعْتَرِيهِ وَتَمْنَعُهُ عَنِ السَّيْرِ فَيُنْحَرُ انْتَهَى
(ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا) إِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْ مَرَّ بِهِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَأْكُلَهُ (ثُمَّ خَلِّ بين الناس وبينها فيأكلوها) وفي حديث ذويب أَبِي قَبِيصَةَ وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي الْمُرَادِ بِالرُّفْقَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا الَّذِينَ يُخَالِطُونَ الْمُهْدِي فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ دُونَ بَاقِي الْقَافِلَةِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّفْقَةِ جَمِيعُ الْقَافِلَةِ لِأَنَّ السَّبَبَ الَّذِي مُنِعَتْ بِهِ الرُّفْقَةُ هُوَ خَوْفُ تَعْطِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ الْقَافِلَةِ فَإِنْ قِيلَ إِذَا لَمْ تُجَوِّزُوا لِأَهْلِ الرُّفْقَةِ أَكْلَهُ وَقُلْتُمْ بِتَرْكِهِ فِي الْبَرِّيَّةِ كَانَ طُعْمَةً لِلسِّبَاعِ وَهَذَا إِضَاعَةُ مَالٍ قُلْنَا لَيْسَ فِيهِ إِضَاعَةٌ بَلِ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ أَنَّ سُكَّانَ الْبَوَادِي يَتَتَبَّعُونَ مَنَازِلَ الْحَجِيجِ لِالْتِقَاطِ سَاقِطَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ تَأْتِي قَافِلَةٌ إِثْرَ قَافِلَةٍ وَالرُّفْقَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute