للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - (بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْعَجْمَاءَ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ)

[٦٤٢] قَوْلُهُ (الْعَجْمَاءُ) أَيِ الْبَهِيمَةُ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ تَأْنِيثُ الْأَعْجَمِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ (جُرْحُهَا) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَالْمَفْهُومُ مِنَ النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَبِالضَّمِّ الْجِرَاحَةُ (جُبَارٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ أَيْ هَدَرٌ أَيْ إِذَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا قَائِدٌ وَلَا سَائِقٌ وَكَانَ نَهَارًا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا أَحَدٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ حَصَلَ بِتَقْصِيرِهِ وَكَذَا إِذَا كَانَ لَيْلًا لِأَنَّ الْمَالِكَ قَصَّرَ فِي رَبْطِهَا إِذِ الْعَادَةُ أَنْ تُرْبَطَ الدَّوَابُّ لَيْلًا وَتُسَرَّحَ نَهَارًا كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وبن الْمَلِكِ (وَالْمَعْدِنُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ مَكَانٌ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَادُ الْمَعْدِنِيَّةُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عَدَنَ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ (وَالْبِئْرُ) بِهَمْزٍ وَيُبْدَلُ (جُبَارٌ) أَيْ إِذَا اسْتَأْجَرَ حَافِرًا لِحَفْرِ الْبِئْرِ أَوِ اسْتِخْرَاجِ الْمَعْدِنِ فَانْهَارَ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ وَكَذَا إِذَا وَقَعَ فِيهِ إِنْسَانٌ فَهَلَكَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَفْرُ عُدْوَانًا وَإِنْ كَانَ فَفِيهِ خِلَافٌ (وَفِي الرِّكَازِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (الْخُمُسُ) اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ وَالشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْجُمْهُورَ حَمَلُوا الرِّكَازَ عَلَى كُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَدْفُونَةِ فِي الْأَرْضِ وَقَالُوا لَا خُمُسَ فِي الْمَعْدِنِ بَلْ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَ قَدْرَ النِّصَابِ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَصَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ

وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا الركاز يعم العدن وَالْكَنْزَ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الْخُمُسُ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ وهو الظَّاهِرُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ

عَطَفَ الرِّكَازَ عَلَى الْمَعْدِنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْدِنَ لَيْسَ بِرِكَازٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُمَا شَيْئَانِ مُتَغَايِرَانِ وَلَوْ كَانَ الْمَعْدِنُ رِكَازًا عِنْدَهُ لَقَالَ الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَلَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْعَطْفَ يدل على المغايرة

قال الحافظ بن حجر في فتح الباري والحجة للجمهور التفرقة مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَصَحَّ أَنَّهُ غَيْرُهُ انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>