وَإِنْ كَانَ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ مُوَافِقًا لِلثَّانِي
وقال بن التِّينِ مُحَصَّلُ الْخِلَافِ هَلْ الْمُرَادُ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ أَوْ بَيْعُ الْجَنِينِ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلِ الْمُرَادُ بِالْأَجَلِ وِلَادَةُ الْأُمِّ أَوْ وِلَادَةُ وَلَدِهَا
وعَلَى الثَّانِي هَلْ الْمُرَادُ بَيْعُ الْجَنِينِ الْأَوَّلِ أو بيع حنين الْجَنِينِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ انْتَهَى
وقَالَ النَّوَوِيُّ التَّفْسِيرُ الثَّانِي أَقْرَبُ إِلَى اللُّغَةِ لَكِنَّ الرَّاوِيَ وهو بن عُمَرَ قَدْ فَسَّرَهُ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَعْرَفُ
ومذهب الشافعي ومحقق الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ تَفْسِيرَ الرَّاوِي مُقَدَّمٌ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ الظَّاهِرَ انْتَهَى
(وَهُوَ بَيْعٌ مَفْسُوخٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ (وَهُوَ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ) هَذَا عَلَى تَفْسِيرِ التِّرْمِذِيِّ
وأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ فَعِلَّةُ النَّهْيِ جَهَالَةُ الثَّمَنِ
٧ - (بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْغَرَرِ)
بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْأُولَى أَيْ مَا لَا يُعْلَمُ عَاقِبَتُهُ مِنَ الْخَطَرِ الَّذِي لَا يُدْرَى أَيَكُونُ أَمْ لَا كَبَيْعِ الْآبِقِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالْغَائِبِ الْمَجْهُولِ
ومُجْمَلُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا أَوْ مَعْجُوزًا عَنْهُ مِمَّا انْطَوَى بِعَيْنِهِ مِنْ غَرِّ الثَّوْبِ أَيْ طَيِّهِ أَوْ مِنَ الْغِرَّةِ بِالْكَسْرِ أَيْ الغفلة أو من الْغُرُورُ
[١٢٣٠] قَوْلُهُ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) قَالَ النَّوَوِيُّ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أُصُولِ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ كَبَيْعِ الْآبِقِ وَالْمَعْدُومِ وَالْمَجْهُولِ وَمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَمَا لَمْ يَتِمَّ مِلْكُ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَبَيْعُ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَبَيْعِ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ وَبَيْعِ بَعْضِ الصُّبْرَةِ مُبْهَمًا وَبَيْعِ ثَوْبٍ مِنْ أَثْوَابٍ
وشَاةٍ مِنْ شِيَاهٍ وَنَظَائِرِ ذَلِكَ
وكُلُّ هَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ غَرَرٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ
وقَدْ يَحْتَمِلُ بَعْضَ الْغَرَرِ بَيْعًا إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ كَالْجَهْلِ بِأَسَاسِ الدَّارِ وَكَمَا إِذَا بَاعَ الشَّاةَ الْحَامِلَ وَالَّتِي فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْأَسَاسَ تَابِعٌ لِلظَّاهِرِ مِنَ الدَّارِ
ولِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ