١٦٩ - (باب ما جاء في كراهية التشبيك بين الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ [٣٨٦])
التَّشْبِيكُ إِدْخَالُ الْأَصَابِعِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ
قَوْلُهُ (إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ) بِمُرَاعَاةِ السُّنَنِ وَحُضُورِ الْقَلْبِ وَتَصْحِيحِ النِّيَّةِ (ثُمَّ خَرَجَ) أَيْ مِنْ بَيْتِهِ (عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ) أَيْ قَاصِدًا إِلَيْهِ (فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) أَيْ لَا يُدْخِلَنَّ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ (فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ) أَيْ حُكْمًا
وَالْحَدِيثُ فِيهِ كَرَاهَةُ التَّشْبِيكِ مِنْ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّهُ يُكْتَبُ لِقَاصِدِ الصَّلَاةِ أَجْرُ الْمُصَلِّي مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ يُفِيدُ عَدَمَ التحريم ولا يمنع الكراهة لكونه فعله نادر انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ قَدْ عَارَضَ حَدِيثَ الْبَابِ يَعْنِي حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ مَا فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي تَشْبِيكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ بِلَفْظِ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ
وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَعِنْدَ البخاري من حديث بن عُمَرَ قَالَ شَبَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ تَشْبِيكَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ السَّهْوِ كَانَ لِاشْتِبَاهِ الْحَالِ عَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ وَلِذَلِكَ وَقَفَ كَأَنَّهُ غَضْبَانُ
وَتَشْبِيكُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَقَعَ لِقَصْدِ التَّشْبِيهِ لِتَعَاضُدِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ
كَمَا أَنَّ البيان المشبك بعضه بعض يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّشْبِيكِ لِلْعَبَثِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَمُقَدِّمَاتِهَا وَلَوَاحِقِهَا مِنَ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَشْيِ إِلَيْهِ أَوْ يَجْمَعُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ الْمُنْتَقَى مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ نَادِرًا يَرْفَعُ التَّحْرِيمَ وَلَا يَرْفَعُ الْكَرَاهَةَ وَلَكِنْ يَبْعُدُ أَنْ يَفْعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ مَكْرُوهًا
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّشْبِيكِ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ خَاصَّةٍ بِالْأُمَّةِ وَفِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ الْخَاصَّ بِهِمْ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ انْتَهَى كَلَامُ الشوكاني